الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1350 باب : لا حسد إلا في اثنين

                                                                                                                              وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب فضل : من يقوم بالقرآن ، ويعلمه . وفضل : من تعلم حكمه : من فقه أو غيره ، فعمل بها وعلمها ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 97 ج6 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن سالم عن أبيه ؛ عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ؛ قال : «لا [ ص: 599 ] حسد إلا في اثنتين ؛ رجل آتاه الله : القرآن ، فهو يقوم به آناء الليل ، وآناء النهار .

                                                                                                                              ورجل آتاه الله : مالا ، فهو ينفقه آناء الليل ، وآناء النهار » ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن سالم عن أبيه ) ، رضي الله عنهما ؛ (عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : لا حسد إلا في اثنين ؛ رجل آتاه الله : القرآن ؛ فهو يقوم به آناء الليل ، وآناء النهار ) أي : ساعاته . وواحده : «الآن » ، «وأناء ، وإنى ، وأنى ، وإنو » أربع لغات .

                                                                                                                              (ورجل آتاه الله : مالا ، فهو ينفقه آناء الليل ، وآناء النهار ) .

                                                                                                                              المراد بالحديث : أن لا غبطة محبوبة ، إلا في هاتين الخصلتين ، وما في معناهما .

                                                                                                                              قال النووي : قال العلماء : الحسد قسمان «حقيقي ومجازي » ؛ «فالحقيقي » : تمني زوال النعمة عن صاحبها . وهذا حرام بإجماع الأمة ، مع النصوص الصحيحة .

                                                                                                                              [ ص: 600 ] وأما «المجازي » ؛ فهو الغبطة . وهو أن يتمنى : مثل النعمة التي على غيره ، من غير زوالها عن صاحبها . فإن كانت من أمور الدنيا : كانت مباحة . وإن كانت طاعة : فهي مستحبة .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى ، بلفظ : «لا حسد إلا على اثنين : رجل آتاه الله هذا الكتاب ، فقام به آناء الليل والنهار . ورجل أعطاه الله مالا ، فتصدق به : آناء الليل وآناء النهار » .

                                                                                                                              وفي رواية ، عن ابن مسعود ؛ عند مسلم أيضا ، يرفعه : «لا حسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله مالا ، فسلطه على هلكته : في الحق . ورجل آتاه الله حكمة : فهو يقضي بها ، ويعلمها » .

                                                                                                                              قلت : يحتمل أن المراد بالحكمة هنا : «القرآن » ، لدلالة الأحاديث السابقة على ذلك . ويحتمل أن المراد بها : السنة المطهرة . فقد استعملت هذه اللفظة كثيرا : مقام لفظ السنة ، في القرآن وفي الحديث . ويدخل فيه «الكتاب العزيز » دخولا أوليا ، لأنه حكمة إلهية . فتحصل : أن لا حسد إلا على من يتلو القرآن ، ويقضي بالسنة .

                                                                                                                              ولفظ «التلاوة ، والقيام بالقرآن ، والقضاء بالسنة وتعليمها » ، يشمل : كل حسنة وفضيلة . ودخل فيهما : العلم ، والعمل . وبالله التوفيق .




                                                                                                                              الخدمات العلمية