الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قلت: لفظ الحديث في صحيح مسلم عن جابر أنه قال في خطبة يوم عرفة: «وإني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله» لم يذكر فيه لا عترتي ولا سنتي.

وكذلك في صحيح البخاري عن ابن أبي أوفى، قيل له: هل وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا. فقيل له: كيف لم يوص وقد كتب على الناس الوصية؟ قال: وصى بكتاب الله.

وكذلك في صحيح البخاري، أن عمر خطب الناس من الغد من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الله تعالى قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به، وبه هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم، فاعتصموا به تهتدوا بما [ ص: 239 ] هدى الله به محمدا صلى الله عليه وسلم.

وأما السنة فالقرآن قد أوصى باتباعها في غير موضع، يذكر طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في نحو من أربعين موضعا، وذكر إنزال الحكمة في القرآن في خمسة مواضع، والذي نزل مع القرآن [ ص: 240 ] هو السنة، وأما لفظ العترة ففي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى خما بين مكة والمدينة، وقال: «إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله -وحض عليه- وقال: عترتي أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي»، ففيه أنه أمر باتباع القرآن، وأنه وصى الأمة بأهل بيته، وأما قوله: «ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وعترتي» فقد رواه الترمذي، وضعفه أحمد [ ص: 241 ] وغيره، وقوله: «كتاب الله وسنتي» روي في حديث ضعيف.

قال: وعن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عليكم بكتاب الله، فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله تعالى، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فلج، ومن دعا إليه بعدي دعا إلى هدى وإلى صراط مستقيم». [ ص: 242 ]

قلت: وهذا الحديث رواه الترمذي وغيره، ورواه أبو نعيم من طرق، وفيه: «ولا تلتبس به الألسن» وليس في رواية الترمذي: «ومن خاصم به فلج». [ ص: 243 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية