الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثاني : في جانب المرتهن ، وهو مستحق لليد بعد لزوم الرهن ، ولا تزال [ ص: 86 ] يده إلا للانتفاع كما سبق ، ثم يرد إليه ليلا ، وإن كان العبد ممن يعمل ليلا كالحارس ، رد إليه نهارا . ولو شرطا في الابتداء وضعه في يد ثالث ، جاز فإن شرطا عند اثنين ، ونصا على أن لكل واحد منهما الانفراد بالحفظ ، أو على أن يحفظاه معا في حرز ، اتبع الشرط . وإن أطلقناه ، فوجهان . أصحهما : ليس لأحدهما أن ينفرد بالحفظ . كما لو أوصى إلى رجلين ، أو وكل رجلين في شيء لا يستقل أحدهما ، فعلى هذا يجعلانه في حرز لهما . والثاني : يجوز الانفراد لئلا يشق عليهما ، فعلى هذا إن اتفقا على كونه عند أحدهما ، فذاك ، وإن تنازعا والرهن مما ينقسم ، قسم وحفظ كل واحد نصفه ، وإلا حفظ هذا مدة ، وهذا مدة . ولو قسماه بالتراضي والتفريع على الوجه الثاني ، فأراد أحدهما أن يرد ما في يده على صاحبه ، ففي جوازه وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : قطع صاحب " التهذيب " بأنه لا يجوز . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا أراد الذي وضعاه عنده الرد ، رده إليهما ، أو إلى وكيلهما ، فإن كانا غائبين ولا وكيل ، فهو كرد الوديعة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى . وليس له دفعه إلى أحدهما بغير إذن الآخر ، فإن فعل ضمن واسترد منه إن كان باقيا ، وإن تلف في يد المدفوع إليه ، نظر ، إن دفعه إلى الراهن ، رجع المرتهن بكمال قيمته وإن زادت على حقه ، ليكون رهنا مكانه ، ويغرم من شاء من العدل والراهن ، والقرار على الراهن ، وإن دفع إلى المرتهن ، ضمنا ، والقرار على المرتهن ، فإن كان الدين حالا وهو من جنس القيمة ، جاء الكلام في التقاص ، وإن غصب المرتهن الرهن من يد العدل ، ضمن . فلو رده إليه برئ . وقيل : لا يبرأ إلا بالرد إلى [ ص: 87 ] المالك ، أو بإذن جديد للعدل في أخذه ، والصحيح : الأول . وكذا الحكم لو غصب الوديعة من المودع ، أو العين المستأجرة من المستأجر ، أو المرهونة من المرتهن ، ثم رد إليهم . ولو غصب اللقطة من الملتقط ، ثم رد إليه لم يبرأ . ولو غصب من المستعير أو المستام ، ثم رده إليه ، فوجهان ; لأنهما مأذونان من جهة المالك ، لكنهما ضامنان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو اتفق المتراهنان على نقل الرهن إلى يد عدل آخر ، جاز ، وإن طلبه أحدهما ، لا يجاب ، إلا أن يتغير حاله بفسق أو ضعف عن الحفظ ، أو تحدث بينه وبين أحدهما عداوة ، ويطلب نقله ، فينقل إلى آخر يتفقان عليه ، فإن تشاحا ، وضعه الحاكم عند من يراه . ولو كان من وضعاه عنده فاسقا في الابتداء ، فازداد فسقا ، فهو كما لو حدث فسقه . وكذا لو مات وأراد أحدهما إخراجه من يد وارثه . ولو كان في يد المرتهن فتغير حاله ، أو مات ، كان للراهن نقله على الصحيح ، وفي وجه : لا تزال يد ورثته ، لكن إذا لم يرض بيدهم ، ضم القاضي إليهم مشرفا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا ادعى العدل هلاك الرهن في يده ، أو رده ، فالقول قوله مع يمينه ، كالمودع . ولو أتلف الرهن عمدا ، أخذت منه القيمة ووضعت عند آخر . ولو أتلفه مخطئا ، أو أتلفه غيره ، أخذت القيمة ووضعت عنده ، كذا قاله الأكثرون ، وذهب الإمام إلى أنه لا بد من استحفاظ جديد . وقياسه ، أن يقال : لو كان في يد المرتهن ، فأتلف وأخذ بدله ، كان للراهن أن لا يرضى بيده في البدل .

                                                                                                                                                                        [ ص: 88 ]

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية