الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5069 باب في قوله تعالى : « ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون

                                                                                                                              وهو في النووي ، في : (كتاب الجنة ، وصفة نعيمها ، وأهلها ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 175 ج 17 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي سعيد الخدري ، ، وأبي هريرة ؛ عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : «ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبدا .

                                                                                                                              فذلك قوله عز وجل : ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح) (عن أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ) رضي الله عنهما ؛ (عن النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ؛ قال : ينادي مناد : إن لكم أن [ ص: 691 ] تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا ) أي : يدوم لكم النعيم (فلا تبأسوا أبدا ) أي : لا يصيبكم بأس . وهو شدة الحال .

                                                                                                                              والبأس ، والبؤس ، والبأساء ، والبؤساء : بمعنى .

                                                                                                                              (فذلك قوله عز وجل : ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) .

                                                                                                                              قال النووي - في هذا الحديث وغيره - : إن نعيم الجنة دائم ، لا انقطاع له أبدا . انتهى .

                                                                                                                              وفي(فتح البيان ): وقع النداء لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فقيل لهم ذلك .

                                                                                                                              والمنادي : هو الله . وقيل : الملائكة .

                                                                                                                              وقيل : هذا النداء يكون في الجنة .

                                                                                                                              ومعنى «أورثتموها » : أعطيتموها بدلا من أهل النار . وهو حال [ ص: 692 ] من الجنة . وسماها «ميراثا » : لأنها لا تستحق بالعمل ، بل هي محض فضل الله ، وعده على الطاعات : كالميراث من الميت ليس بعوض عن شيء ، بل هو صلة خالصة ، حصلت لكم بلا تعب ، «بما كنتم تعملون » أي : أورثتم منازلها بعملكم .

                                                                                                                              قال في الكشاف : بسبب أعمالكم ، لا بالتفضل كما تقول المبطلة (يعني أهل السنة ). انتهى .

                                                                                                                              وأقول : يا مسكين ! هذا قاله رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فيما صح عنه : «سددوا وقاربوا ، واعلموا أنه لا يدخل أحد الجنة بعمله » قالوا : ولا أنت ؟ يا رسول الله ! قال : «ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته » .

                                                                                                                              والتصريح بسبب لا يستلزم نفي سبب آخر . ولولا التفضل من الله سبحانه وتعالى على العامل : بإقداره على العمل : لم يكن عمل أصلا .

                                                                                                                              فلو لم يكن التفضل إلا بهذا الإقدار : لكان القائلون به محقة لا مبطلة . وفي التنزيل : ذلك الفضل من الله . وفيه : [ ص: 693 ] فسيدخلهم في رحمة منه وفضل .

                                                                                                                              وفي فتح الباري : المنفي في الحديث : دخولها بالعمل المجرد عن القبول . والمثبت في الآية : دخولها بالعمل المتقبل ، والقبول إنما يحصل من الله تفضلا .

                                                                                                                              وقال القرطبي : وبالجملة ؛ فالجنة ومنازلها ، لا تنال إلا برحمته . فإذا دخلوها بأعمالهم : فقد ورثوها برحمته ، إذ أعمالهم رحمة منه لهم ، وتفضل منه عليهم . انتهى كلام (فتح البيان ) .


                                                                                                                              فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم ولكننا سبي العدو فهل لنا
                                                                                                                              نعود إلى أوطاننا ونسلم ؟



                                                                                                                              اللهم ! تفضل علينا برحمتك ، واجعل آخر أعمارنا خيرا من أولها .




                                                                                                                              الخدمات العلمية