الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[2] جمع المخطوطات العربية

اهتم المستشرقون منذ زمن طويل بجمع المخطوطات العربية من كل مكان في بلاد الشرق الإسلامي. وكان هـذا العمل مبنيا على وعي تام بقيمة هـذه المخطوطات التي تحمل تراثا غنيا في شتى مجالات العلوم.

وكان بعض الحكام في أوروبا يفرضون على كل سفينة تجارية تتعامل مع الشرق أن تحضر معها بعض المخطوطات، وقد ساعد الفيض الهائل من المخطوطات المجلوبة من الشرق على تسهيل مهمة الدراسات العربية في أوروبا وتنشيطها، ومنذ الحملة النابليونية على مصر عام 1798م تزايد نفوذ أوروبا في الشرق، وساعد ذلك على جلب الكثير من المخطوطات. وكانت الجهات المعنية في أوروبا ترسل مبعوثيها لشراء المخطوطات من الشرق، فعلى سبيل المثال أرسل ( فريدريش فيلهلم الرابع ) ملك بروسيا (ريتشارد ليبسيوس) إلى مصر عام 1842م، و (هينريش بترمان) عام 1852م إلى الشرق لشراء مخطوطات شرقية.

وقد تم جمع المخطوطات من الشرق بطرق مشروعة وغير مشروعة، وقد لقيت هـذه المخطوطات في أوروبا اهتماما عظيما، وتم العمل على حفظها وصيانتها من التلف والعناية بها عناية فائقة وفهرستها فهرسة علمية نافعة، تصف المخطوط وصفا دقيقا، وتشير إلى ما يتضمنه من موضوعات وتذكر اسم المؤلف وتاريخ ميلاده ووفاته وتاريخ تأليف الكتاب أو نسخه... إلخ.

وبذلك وضعت تحت تصرف الباحثين الراغبين في الاطلاع عليها في مقر وجودها أو طلب تصويرها بلا روتين أو إجراءات معقدة.

وقد قام مثلا ألوارد Ahlwardt بوضع فهرس للمخطوطات العربية في مكتبة برلين في عشرة مجلدات بلغ فيه الغاية؛ فنا ودقة وشمولا. وقد صدر هـذا [ ص: 61 ] الفهرس في نهاية القرن الماضي، واشتمل على فهرس لنحو عشرة آلاف مخطوط. وقد قام المستشرقون في الجامعات والمكتبات الأوروبية كافة بفهرسة المخطوطات العربية فهرسة دقيقة، وتقدر المخطوطات العربية الإسلامية في مكتبات أوروبا بعشرات الآلاف، بل قد يصل عددها إلى مئات الآلاف.

وهناك دراسات للمستشرقين عن هـذه المخطوطات في مجالات عديدة؛ وعلى سبيل المثال قامت باحثة من المستشرقين بإعداد بحث عن نوادرمخطوطات القرآن الكريم في القرن السادس عشر، قال عنه الشيخ أمين الخولي بعد أن سمعه أثناء حضوره لمؤتمر المستشرقين الدولي الخامس والعشرين: (لقد قدمت السيدة كراتشكو فسكي بحثا عن نوادر مخطوطات القرآن في القرن السادس عشر الميلادي. وإني أشك في أن الكثيرين من أئمة المسلمين يعرفون شيئا عن هـذه المخطوطات. وأظن أن هـذه مسألة لا يمكن التساهل في تقديرها) [1] .

وهنا كلمة حق يجب أن تقال وهي: إن انتقال هـذا العدد الهائل من المخطوطات إلى أوروبا بوسائل شرعية أو غير شرعية قد هـيأ لها أحدث وسائل الحفظ والعناية الفائقة والفهرسة الدقيقة. وعندما أقول هـذا أشعر بالأسى والحسرة لحال المخطوطات النادرة في كثير من بلادنا العربية والإسلامية، وما آل إليه حال الكثير منها من التلف والتآكل وصعوبة أو استحالة الاستفادة منها. [ ص: 62 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية