الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                784 785 ص: وقد روي ذلك أيضا عن زيد بن ثابت:

                                                حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن قبيصة بن ذؤيب ، عن زيد بن ثابت ، قال: "إذا توضأ . الجنب قبل أن ينام بات طاهرا".

                                                فهذا زيد بن ثابت يخبر أنه إذا توضأ قبل أن ينام، ثم نام كان كمن اغتسل قبل أن ينام في الثواب الذي يكتب كمن بات على طهر.

                                                وقد ذكرنا في حديث الحكم، عن إبراهيم، ، عن الأسود، ، عن عائشة " أن النبي -عليه السلام- كان إذا أراد أن يأكل وهو جنب توضأ"، وعن عمار بن ياسر ما يوافق ذلك.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي الوضوء للجنب الذي يريد النوم أيضا، عن زيد بن ثابت الأنصاري -رضي الله عنه-.

                                                ويونس هو ابن عبد الأعلى .

                                                وابن وهب هو عبد الله .

                                                وكذلك ابن لهيعة هو عبد الله، فيه مقال، وابن هبيرة أيضا اسمه عبد الله، روى له الجماعة سوى البخاري ، وقبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي أبو إسحاق المدني، قال البخاري: في حديثه نظر، ووثقه ابن حبان .

                                                قوله: "بات طاهرا" أي بات كالطاهر في حصول الثواب بالوضوء الذي توضأ،

                                                [ ص: 561 ] وليس المراد أنه يبيت طاهرا حقيقة، ولا يطهر حقيقة إلا بالاغتسال، وفيه ترغيب عظيم للجنب الذي يريد النوم أن لا ينام إلا بعد الوضوء.

                                                قوله: "وقد ذكرنا في حديث الحكم" أشار بهذا الكلام إلى أنه كما بين حكم الجنب إذا أراد النوم هل يتوضأ أم لا، يريد أن يبين حكمه أيضا إذا أراد أن يأكل، وقد كان ذكر الأكل في الحديث الذي رواه عن ابن مرزوق ، عن بشر بن عمر ، عن شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسود بن يزيد ، عن عائشة، قالت: "كان النبي -عليه السلام- إذا أراد أن ينام أو يأكل وهو جنب توضأ"، ومهد هذا الكلام حتى يوطئ عليه الخلاف المذكور فيه بين العلماء.

                                                قوله: "وعن عمار بن ياسر ما يوافق ذلك" أي وقد ذكرنا أيضا عن عمار بن ياسر ما يوافق حديث الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة، وهو الذي رواه الآن عن يحيى بن يعمر ، عن عمار بن ياسر، قال: "رخص رسول الله -عليه السلام- للجنب إذا أراد أن ينام أو يشرب أو يأكل أن يتوضأ".

                                                روى الطيالسي في "مسنده": ثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء الخراساني ، عن يحيى بن يعمر ، عن عمار بن ياسر، قال: "قدمت على أهلي من سفر، فضمخوني بالزعفران، فلما أصبحت أتيت رسول الله -عليه السلام-، فسلمت عليه فلم يرحب بي ولم يبش بي، وقال: اذهب فاغسل هذا عنك، فغسلته عني فجئته وقد بقي علي منه شيء، فسلمت عليه فلم يرحب بي، ولم يبش بي، وقال: اذهب فاغسل هذا عنك، فغسلته ثم أتيت رسول الله -عليه السلام- فسلمت عليه، فرد علي السلام ورحب بي، فقال: إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير ولا المتضمخ بالزعفران، ولا الجنب، ورخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أن يتوضأ".

                                                [ ص: 562 ] وأخرجه البيهقي من طريق الطيالسي، وأخرج أبو داود منه ترخيص الجنب فقط، وقد ذكرناه، وكذا الطحاوي كما ذكر.




                                                الخدمات العلمية