الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        29148 - قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا ، أن لا تباع الحنطة بالحنطة ، ولا التمر بالتمر ، ولا الحنطة بالتمر ، ولا التمر بالزبيب ، ولا الحنطة بالزبيب ، ولا شيء من الطعام كله ، إلا يدا بيد ، فإن دخل شيئا من ذلك الأجل ، لم يصلح ، وكان حراما ، ولا شيء من الأدم كلها ، إلا يدا بيد .

                                                                                                                        29149 - قال مالك : ولا يباع شيء من الطعام والأدم إذا كان من صنف واحد اثنان بواحد ، فلا يباع مد حنطة بمدي حنطة ، ولا مد تمر بمدي تمر . ولا مد زبيب بمدي زبيب ، ولا ما أشبه ذلك من الحبوب والأدم كلها ، إذا كان من صنف واحد ، وإن كان يدا بيد . إنما ذلك بمنزلة الورق بالورق والذهب بالذهب . لا يحل في شيء من ذلك الفضل ، ولا يحل إلا مثلا بمثل ، يدا بيد .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        29150 - قال أبو عمر : أجمع الفقهاء من التابعين ، فمن بعدهم أنه لا يجوز الورق بالورق إلا مثلا بمثل يدا بيد . وكذلك الذهب بالذهب ، لا يجوز إلا مثلا بمثل ، يدا بيد ، وكذلك البر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر .

                                                                                                                        29151 - وقد ذكرنا ما شذ فيه معاوية ، وما شذ فيه ابن عباس أيضا فيما [ ص: 41 ] سلف من كتابنا ، والحجة في السنة ، لا فيما خالفها من الأقوال التي هي جهالة يلزم ردها إلى السنة ، وقول مالك في الطعام كله والآدام ، أنه لا يجوز في شيء منه النسيئة وقول جمهور علماء الأمة .

                                                                                                                        29152 - وقد ذكرنا في هذا الباب ما يدل على صواب القول في الأصناف مما يقطع عند ذوي الأفهام الاختلاف ، والحمد لله .

                                                                                                                        29153 - وشذ داود فأجاز النسيئة والتفاضل فيما عدا البر والشعير ، والتمر ، والملح من الطعام ، والآدام ، لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولعموم قول الله عز وجل : وأحل الله البيع [ البقرة : 257 ] فلم يضم إلى النسيئة المنصوصة في حديث عبادة ، وغيره شيئا غيرها ، وهي الذهب ، والورق ، والبر ، والشعير ، والتمر ، والملح .

                                                                                                                        29154 - وشذ ابن علية في ذلك أيضا ، فقال : إذا اختلف النوعان كالبر بالشعير ، والبر بالزبيب ، فليس بواحد بأضعاف الآخر ، يدا بيد ، ونسيئة - قياسا لكل ما يكال على ما يوزن .

                                                                                                                        29155 - قال : ولما أجمعوا في الموزونات أنها جائز أن يشتري الحديد ، والقطن والعصفر ، وما يوزن من مثل ذلك كله كالذهب ، والفضة اثنان بواحد نقدا ، أو نسيئة ، لأنه لا يشبه الذهب ، والفضة شيء من الموزون ، فكذلك في القياس : كل شيء يكال أبعد شبها من الذهب والفضة وأحرى أن يكون واحد بأضعافه [ ص: 42 ] بالنقد ، والنسيئة .

                                                                                                                        29156 - قال أبو عمر : ما أصاب وجه القياس ، ولا اتبع الجمهور ، ولا اعتبر الآثار ، ولا أعلم له ولداود سلفا فيما ذهبا إليه من ذلك مع تضاد أصولهما في القياس إلا حديث يرويه ابن جريج ، عن إسماعيل بن أمية ، وأيوب بن موسى أن نافعا أخبرهما أن ابن عمر باع تمرا بالغابة صاعين بصاع حنطة بالمدينة ، وقد روي عن ربيعة ، وأبي الزناد نحو ذلك .




                                                                                                                        الخدمات العلمية