الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1358 [ ص: 96 ] 29391 - قال أبو عمر : جاء تفسير هذا الحديث في سياقه ، فإن لم يكن تفسيره مرفوعا من قول ابن عمر ، وحسبك بتأويل من روى هذا الحديث وعلم مخرجه .

                                                                                                                        1320 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : لا ربا في الحيوان ، وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة : عن المضامين والملاقيح ، وحبل الحبلة ، والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل . والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        29392 - وتفسير سعيد بن المسيب هذا يدل على ما تدل عليه ترجمة الباب من بيع الحيوان ، وأنه لا يجوز منه بيع الأجنة ، ولا بيع ما لم يخلق ، أو لا بيع ما يقع عليه العين ، ويحيط به العلم ، والتفسير في الحديث الأول يحتمل مثل هذا [ ص: 97 ] أيضا .

                                                                                                                        29393 - والأظهر فيه النهي عن البيوع إلى الآجال المجهولة ، لقوله فيه أن تنتج الناقة ، ثم تنتج التي في بطنها .

                                                                                                                        29394 - وبهذا التأويل قال مالك ، والشافعي ، وأصحابهما .

                                                                                                                        29395 - ولا خلاف بين العلماء أن البيع إلى مثل هذا الأجل المجهول لا يجوز ، وكفى بالإجماع علما ، وقد جعل الله - عز وجل - الأهلة مواقيت للناس ، وهي معلومة ، فما كان معلوما من الآجال لا يختلف مجيئه ، ولا يجهل وقته ، فجائز البيع إليه ، لا خلاف بين المسلمين فيه .

                                                                                                                        29396 - وقال آخرون : معنى هذا الحديث بيع ولد الجنين في بطن أمه ، هذا قول أبي عبيد .

                                                                                                                        29397 - قال أبو عبيد ، عن ابن علية : هو نتاج النتاج .

                                                                                                                        29398 - وبهذا التأويل قال أحمد ، وإسحاق بن راهويه .

                                                                                                                        29399 - والتأويلات جميعا مجتمع عليها ، لا خلاف - والحمد لله - بين علماء المسلمين فيه .

                                                                                                                        [ ص: 98 ] 29400 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع المجر ، وهو بيع ما في بطون الإناث ، ونهى عن المضامين والملاقيح .

                                                                                                                        29401 - قال أبو عبيد : المضامين ما في البطون ، وهي الأجنة ، والملاقيح ما في أصلاب الفحول .

                                                                                                                        29402 - وهذا قول سعيد بن المسيب .

                                                                                                                        29403 - واستشهد أبو عبيد بقول الشاعر :


                                                                                                                        ملقوحة في بطن ناب حائل

                                                                                                                        .

                                                                                                                        [ ص: 99 ] 29404 - وفي البيت الذي استشهد به : " ملقوحة " وكان وجه ما استشهد به أن يقول : مضمونة في بطن الحامل .

                                                                                                                        29405 - وقال غيره : المضامين ما في أصلاب الفحول ، والملاقيح ما في بطون الإناث .

                                                                                                                        29406 - وذكر المزني ، عن ابن هشام ، شاهدا بأن الملاقيح ما في البطون لبعض الأعراب :

                                                                                                                        [ ص: 100 ]

                                                                                                                        منيتني ملاقحا في الأبطن تنتج ما تلقح بعد أزمن

                                                                                                                        29407 - وأي الأمرين كان ، فعلماء المسلمين مجمعون على أن ذلك كله لا يجوز في بيوع الأعيان ، ولا في الآجال ، والحمد لله كثيرا .

                                                                                                                        29408 - قال أبو عمر : في رواية ابن عمر لحديث هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يرد ما روي عنه من تجويز ذلك البيع إلى الأجل المجهول .

                                                                                                                        29409 - ذكر عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : بلغني أن ابن عمر كان يبتاع إلى ميسرة ، ولا يسمي إلى أجل .

                                                                                                                        29410 - قال : وأخبرني إسرائيل ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن يعقوب ، أنه كان يبتاع منه إلى الميسرة ، ولا يسمي أجلا .




                                                                                                                        الخدمات العلمية