الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1568 [ ص: 121 ] 1543 - مالك عن زريق بن حكيم الأيلي ؛ أن رجلا يقال له مصباح ، استعان ابنا له ، فكأنه استبطأه ، فلما جاءه قال له : يا زان ، قال زريق : فاستعداني عليه ، فلما أردت أن أجلده ، قال ابنه : والله لئن جلدته لأبوءن على نفسي بالزنا ، فلما قال ذلك أشكل علي أمره . فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز - وهو الوالي يومئذ - أذكر له ذلك ، فكتب إلي عمر : أن أجز عفوه .

                                                                                                                        قال زريق : وكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أيضا : أرأيت رجلا افترى عليه أو على أبويه وقد هلكا أو أحدهما . قال : فكتب إلي عمر : إن عفا فأجز عفوه في نفسه ، وإن افترى على أبويه وقد هلكا أو أحدهما ، فخذ له بكتاب الله إلا أن يريد سترا .

                                                                                                                        قال مالك : وذلك أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن تقوم عليه بينة ، فإذا كان على ما وصفت فعفا ، جاز عفوه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        35676 - قال أبو عمر : اختلف الفقهاء في حد القذف ، هل هو لله عز وجل كالزنا ، لا يجوز عفو ، أو هو حق من حقوق الآدميين كالقتل ، يجوز فيه العفو .

                                                                                                                        35677 - واختلف قول مالك في ذلك أيضا ؛ فمرة قال : العفو عن حد القذف جائز ، بلغ الإمام أو لم يبلغ .

                                                                                                                        [ ص: 122 ] 35687 - وهو قول الشافعي ، وأبي يوسف .

                                                                                                                        35679 - ومرة قال : لا يجوز فيه العفو إذا بلغ الإمام .

                                                                                                                        35680 - ومرة قال : لا يجوز فيه العفو إلا أن يريد صاحبه سترا على نفسه .

                                                                                                                        35681 - وهذا نحو القول الأول ، الذي أجاز فيه العفو عن القاذف .

                                                                                                                        35682 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، في رواية محمد عنه : لا يصح العفو عن حد القذف ، بلغ الإمام أو لم يبلغ .

                                                                                                                        35683 - وهو قول الثوري ، والأوزاعي .

                                                                                                                        35684 - وروى بشر بن الوليد ، عن أبي يوسف أن عفوه يصح ، كقول الشافعي .

                                                                                                                        35685 - وقال أبو جعفر الطحاوي : لما كان حد القذف يسقط بتصديق القذف للقاذف ، دل أنه حق للآدمي لا حق لله .

                                                                                                                        35686 - قال أبو عمر : العفو في حقوق الآدميين إذا عفوا ، جائز بإجماع .




                                                                                                                        الخدمات العلمية