الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        36083 - قال مالك في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعا ، فيخرجون بالعدل يحملونه جميعا ، أو الصندوق أو الخشبة أو بالمكتل أو ما أشبه ذلك ، مما يحمله القوم جميعا : إنهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعا ، فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع ، وذلك ثلاثة دراهم فصاعدا ، فعليهم القطع جميعا .

                                                                                                                        36084 - قال : وإن خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته ؛ فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعدا فعليه القطع ، ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فلا قطع عليه .

                                                                                                                        [ ص: 214 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 214 ] 36085 - قال أبو عمر : من الاختلاف في هذه المسألة ما ذكره المزني ، عن الشافعي ، قال : وإذا كانوا ثلاثة فحملوا متاعا ، وأخرجوه معا ، فبلغ ثلاثة أرباع دينار قطعوا ، وإن نقص شيئا لم يقطعوا ، وإن أخرجوه متفرقا ؛ فمن أخرج ما يساوي ربع دينار قطع ، وإن لم يساو ربع دينار لم يقطع ، قال : ولو نقبوا جميعا ، ثم أخرج بعضهم ، ولم يخرج بعض ، قطع المخرج خاصة .

                                                                                                                        36086 - وأما أبو حنيفة وأصحابه ، فذكر الطحاوي عنهم ، قال : ولا قطع على جماعة سرقوا ، حتى يكون لكل واحد منهم قيمة عشرة دراهم فصاعدا ، ومن سرق من رجلين عشرة دراهم - سرقة واحدة - قطع فيها .

                                                                                                                        36087 - وقال في موضع آخر : ومن دخل عليه جماعة ، فولي رجل منهم أخذ متاعه ، وحمله ، قطعوا جميعا .

                                                                                                                        36088 - قال أبو عمر : هذا تناقض ظاهر ، وممن قال بقول مالك في الرجلين ، أو أكثر ، يسرقون مقدار ربع دينار ، أنهم يقطعون فيه ؛ أحمد بن حنبل ، وأبو ثور ، قياسا على القوم يشتركون في القتل ، أنهم يقتلون بالواحد إذا اشتركوا في قتله .

                                                                                                                        36089 - واختلف الفقهاء أيضا في النفر يدخلون الدار ، ويجمعون المتاع ، [ ص: 215 ] ويحملونه على أحدهم ، ويخرجون معه .

                                                                                                                        36090 - فقال الشافعي ، وأبو ثور : القطع على الذي أخرج المتاع وحده .

                                                                                                                        36091 - واختلف أصحاب أبي حنيفة ؛ فمنهم من قال : يقطعون كلهم ، ومنهم من قال : لا يقطع إلا الذي أخرج المتاع .

                                                                                                                        36092 - واختلف في ذلك قول مالك أيضا :

                                                                                                                        36093 - فروى ابن أبي أويس عنه ، أنه قال : يقطعون جميعا ، قال : إنما ذلك بمنزلة ما لو حملوه على حمار ، أو غيره من الدواب .

                                                                                                                        36094 - وروى ابن القاسم عنه ، أنه قال : لا يقطع إلا الذي حمله وحده .




                                                                                                                        الخدمات العلمية