الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1569 1544 - مالك عن هشام بن عروة ، عن أبيه ؛ أنه قال في رجل قذف قوما جماعة : إنه ليس عليه إلا حد واحد .

                                                                                                                        قال مالك : وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        35687 - قال أبو عمر : روى معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : [ ص: 123 ] إذا جاءوا جميعا فحد واحد ، وإن جاءوا متفرقين أخذ لكل إنسان بحده .

                                                                                                                        35688 - ذكر أبو بكر ، قال : حدثني أبو أسامة ، عن هشام بن عروة عن أبيه ، في الذي يقذف القوم جميعا ، قال : إن كان في كلام واحد ، فحد واحد ، وإن فرق ، فلكل واحد منهم حد ، والسارق مثل ذلك .

                                                                                                                        35689 - قال عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن هشام ، عن أبيه مثله ، إلى آخره .

                                                                                                                        35690 - قال أبو عمر : في هذه المسألة للعلماء أقوال :

                                                                                                                        35691 - ( أحدها ) : أنه ليس على قاذف الجماعة إلا حد واحد ، تفرقوا أو اجتمعوا ؛ وهو قول مالك ، وطاوس ، وعطاء ، والزهري ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي ، في رواية حماد ، وهو قول الثوري ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                        35692 - وذكر عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن سليمان الشيباني ، وجابر ، وفراس ، كلهم عن الشعبي في الرجل يقذف القوم جميعا ، قال : إذا فرق ، ضرب لكل إنسان منهم ، وإن جمعهم فحد واحد .

                                                                                                                        35693 - قال الثوري ، وقال حماد : حد واحد ، جمع أو فرق .

                                                                                                                        35694 - وعن معمر ، عن الزهري ، قال : إن قذفهم جميعا فحد واحد ، مجتمعين كانوا أو مفترقين ، والآخر : إن قذفهم شتى فلكل واحد منهم حد ، وإن قذفهم جميعا فحد واحد .

                                                                                                                        [ ص: 124 ] 35695 - والثالث : أن لكل واحد منهم حدا ، سواء كان القذف واحدا ، أو قذف كل واحد منهم منفردا .

                                                                                                                        35696 - واتفق مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، والثوري ، والليث بن سعد ، أنه إذا قذفهم بقول واحد ، أو أفرد كل واحد منهم فليس عليه إلا حد واحد ، ما لم يحد ، ثم يقذف بعد الحد .

                                                                                                                        35697 - وقال ابن أبي ليلى : إذا قال لهم : يا زناة ، فعليه حد واحد ، وإن قال لكل واحد منهم : يا زان ، فلكل واحد منهم حد .

                                                                                                                        35698 - وهو قول الشعبي في رواية ، وقول أحمد أيضا .

                                                                                                                        35699 - وقال عثمان البتي : إذا قذف جماعة فعليه لكل واحد منهم حد ؛ فإن قال لرجل : زنيت بفلانة . فعليه حد واحد ؛ لأن أبا بكرة وأصحابه ضربهم عمر حدا واحدا ولم يحدهم للمرأة .

                                                                                                                        35700 - قال أبو عمر : تناقض البتي في هذه المسألة ، وليس ما احتج به من فعل عمر حجة ؛ لأن المرأة لم تطلب حدها عند عمر ، وإنما الحد لمن طلبه وقام فيه ، وهذا أيضا من فعل عمر يدل على أن حد القذف من حقوق الآدميين ، لا يقول به السلطان إلا أن يطلب المقذوف ذلك عنده .

                                                                                                                        35701 - وقال الحسن بن حي : إذا قال : من دخل هذه الدار فهو زان ، ضرب لكل من دخلها الحد ، إذا طلب ذلك .

                                                                                                                        [ ص: 125 ] 35702 - وقال الشافعي ، فيما ذكر عنه المزني : إذا قذف جماعة بكلمة واحدة فلكل واحد منهم حد ، وإن قال يا ابن الزانيين فعليه حدان .

                                                                                                                        35703 - وقال في أحكام القرآن : إذا قذف امرأته برجل لاعن ، ولم يحد الرجل .

                                                                                                                        35704 - وفي البويطي عنه مثل قول مالك .

                                                                                                                        35705 - قال أبو عمر : الحجة لمالك ، ومن قال بقوله ، حديث أنس وغيره ، أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلاعن بينهما ، ولم يحد لشريك ، ولا يختلفون أن من قذف امرأته برجل - فلاعن - لم يحد الرجل .

                                                                                                                        35706 - ومن حجة من قال : على قاذف الجماعة ، لكل واحد منهم حد ، إجماعهم على أنه لو عفا أحد المقذوفين كان لمن جمعه القذف معه أن يقوم - إن شاء - بحده ، ولو كان حدا واحدا ، لسقط بعفو من عفا ، كما يسقط الدماء .

                                                                                                                        35707 - ولهم في هذا من القول والاعتلال ما يطول ذكره ، وليس كتابنا هذا بموضع له .




                                                                                                                        الخدمات العلمية