المسألة الثانية : قال رضي الله عنه : الشافعي ، وقال دم التمتع دم جبران الإساءة ، فلا يجوز له أن يأكل منه رضي الله عنه : إنه دم نسك ، ويأكل منه ، حجة أبو حنيفة من وجوه : الشافعي
الحجة الأولى : أن التمتع حصل فيه خلل ؛ فوجب أن يكون الدم دم جبران .
بيان حصول الخلل فيه من وجوه ثلاثة :
الأول : روي أن عثمان كان ينهى عن المتعة ، فقال له علي رضي الله عنهما : عمدت إلى رخصة بسبب الحاجة والغربة ، وذلك يدل على حصول نقص فيها .
الثاني : أنه تعالى سماه تمتعا ، والتمتع عبارة عن التلذذ والارتفاع ، ومبنى العبادة على المشقة ، فيدل على أنه حصل في كونه عبادة نوع خلل .
الثالث : وهو بيان الخلل على سبيل التفصيل : أن في التمتع صار السفر للعمرة ، وكان من حقه أن يكون للحج ، فإن الحج الأكبر هو الحج ، وأيضا حصل الترفه وقت الإحلال بينهما ، وذلك خلل ، وأيضا كان من حقه جعل الميقات للحج فإنه أعظم ، فلما جعل الميقات للعمرة كان ذلك نوع خلل ، وإذا ثبت كون الخلل في هذا الحج ، وجب جعل الدم دم جبران لا دم نسك .
الحجة الثانية : أن الدم ليس بنسك أصلي من مناسك الحج أو العمرة كما لو أفرد بهما ، وكما في حق المكي ، والجمع بين العبادتين لا يوجب الدم أيضا ، بدليل أن من جمع بين الصلاة والصوم والاعتكاف لا يلزمه الدم ؛ فثبت بهذا أن هذا الدم ليس دم نسك ؛ فلا بد وأن يكون دم جبران .
الحجة الثالثة : أن ، وكونه غير مؤقت دليل على أنه دم [ ص: 132 ] جبران ؛ لأن المناسك كلها مؤقتة . الله تعالى أوجب الهدي على التمتع بلا توقيت
الحجة الرابعة : أن للصوم فيه مدخلا ، ودم النسك لا يبدل بالصوم ، وإذا عرفت صحة ما ذكرنا فنقول : إن الله تعالى ألزم المكلف إتمام الحج في قوله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وقد دللنا على أن حج التمتع غير تام ؛ فلهذا قال تعالى : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ) ، وذلك لأن تمتعكم يوقع نقصا في حجتكم ، فاجبروه بالهدي لتكمل به حجتكم ، فهذا معنى حسن مفهوم من سياق الآية ، وهو لا يتقرر إلا على مذهب رضي الله عنه . الشافعي