قراءة الظروف والتعامل معها
** أما ترون بأن أحد وجود هـذه المشكلة، أن بعض قيادات العمل الإسلامي المتصدرة للدعوة الإسلامية لم تستطع تقديم الأنموذج الحي الكامل المتوازن للشباب المسلم، مما جعله يعيش هـذا التأرجح الفكري والإيماني إن صح التعبير؟
أنا لا أنفي هـذا.. ولا أقول إن القائمين بالدعوة الإسلامية قد مثلوا أحسن تمثيل، الدعاة طبقات وأنماط ومدارس وأنواع، ولكن ليست المسئولية على الدعاة فقط، بل على البيئات كذلك. [ ص: 19 ]
أنا أعتقد أن الإسلام لم يسمح له في أي بقعة من بقاع الأرض أن يظهر كوامنه، أعني الطاقة المذخورة الكامنة فيه.. لن يستطيع الإسلام والممثلون للإسلام، سواء من الدعاة أو المثقفين أو من علماء الدين، إظهار محاسنه، فلم يستطع الإسلام في حضانتهم وتحت إشرافهم أن يظهر براعته وقدرته بكل حرية في الحلول الإنسانية، قدرته على حل القضايا الإنسانية، وقدرته على تكوين بيئة جديدة وصبغة جديدة للحياة.. لم تتح لهم الفرصة الكافية ولا الحرية الكافية ليبرز الإسلام محاسنه، ويبرز ما عنده من طاقات مذخورة ومن صلاحيات كامنة، في حين سمع لكل فلسفة ولكل نظام من النظم الحديثة، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية ألا غير ذلك أن تثبت براعتها وقدرتها على الحدوث.
** يمكن أن يكون هـناك وجه آخر للقضية فيما أعتقد: لا شك بأن الأصل في الدعاة أو القيادات الإسلامية، أن يقدروا الظروف من حولهم ويحسنوا التعامل معها، بمعنى محاولة تقديم الإسلام من خلال الظروف المحيطة والإمكانات المتاحة؟
أنا لا أخالف هـذا، وأعتقد أن كثيرا من الدعاة قد راعوا الظروف المحيطة بهم واجتهدوا أن يمثل الإسلام أو أن يقوموا بالدعوة الإسلامية في تلك البيئة والظروف التي كانت محيطة بهم، إن كثيرا منهم قد قاموا بواجبهم أو ببعض واجبهم.. ولا شك أن مراعاة الظروف لازمة لا بد منها.. لكن إذا كانت الظروف قاهرة وإذا كانت هـي التي تخنق الدعوة وتكمم الدعاة هـنالك يصعب على أي داعية مخلص - مهما بلغ من الإخلاص والمقدرة واللباقة - أن يقوم بواجبه كاملا.