فقه الداعية وثقافته
إننا نرى في العالم الإسلامي كثيرا من الإخلاص الآن. لكن المشكلة أن هـذا الإخلاص قد يوظف في غير المكان المجدي، أو في غير الطريق الشرعي، أو قد يجنح عن الطريق الشرعي، أو قد نكون عاجزين عن تقديم الأوعية الشرعية لهذا الإخلاص في حركة الشباب، كقيادات لترشيده، وبذلك يمكن أن يعود على صاحبه وعلى المجتمع الإسلامي ببعض المساوئ والمخاطر، أو أن يساهم سلبيا في الإساءة للإسلام دون أن يقصد ذلك!!
في الحقيقة هـذا سؤال دقيق، لأن الدعوة من المقاصد التي ما يمكن أن تحدد ما يمكن أن ترسم لها خطوط وحدود، لأنها ترجع إلى وعي الداعي وحكمته. فكما يقول [ ص: 21 ] بعض بلغاء الغرب: إن الحرب والحكم ما لهما ضوابط وحدود مرسومة. كذلك أنا أعتقد أن الدعوة الإسلامية ما يمكن أن نحدد لها حدودا مرسومة وضوابط صارمة.. هـذا يرجع إلى دراسة الداعي للبيئة وللظروف وللمستويات العقلية المختلفة التي يتحلى بها الشباب مثلا أو بعض الطبقات.. فلا نستطيع أن نقول: ينطلق من هـنا ويقف هـناك، ثم ينطلق من هـنا ويقف هـناك، ليس هـناك دليل مثل دليل القطار أو مثل دليل البلد مثلا.. الأمر يرجع إلى فقه الداعي، هـذا الفقه الذي يقوم على دراسة السيرة النبوية دراسة عميقة ودقيقة، ويتوقف على دارسة القرآن كذلك دراسة دقيقة وعميقة، وعلى سير الأنبياء وأحوالهم مع أممهم، ومعرفة نفسيات الشباب، كذلك يحتاج إلى شيء من علم النفس، وإلى العقل المؤمن المودع في نفس الداعية