مشاريع مستقبلية
هـل يمكن لنا أن نسأل عن آخر الأشياء العلمية أو الاهتمامات أو الكتب المنتظرة أو المعالجات الفكرية التي تعدونها أو تفكرون فيها أو المشاريع العلمية للمستقبل إن شاء الله؟
في نيتي أن أكمل كتب رجال الفكر والدعوة في الإسلام.. قد ظهر الجزء الثالث، وسيخصص الجزء الرابع لبحث دور حكيم الإسلام الشيخ ولي الله الدهلوي بن عبد الرحيم الدهلوي .. الذي أعتبره من عمالقة ومن أقطاب الفكر الإسلامي، ولعله لا يساويه في سعة الفكر، وفي شمولية الفهم الإسلامي أحد في القرون المتأخرة. ولعله يلي شيخ الإسلام ابن تيمية في أصالة الفهم للإسلام.. سيكون هـذا الجزء الرابع.
وقد بدأت أؤرخ حياتي في فترتي الأخيرة؛ لأن هـنالك تداخلا بين العصر والشخصية، بعضهما في بعض. فإذا أرخت حياتي مثلا خمسين سنة إنما أؤرخ العالم الإسلامي، أؤرخ القارة الهندية ، شبه القارة الهندية ، وكبرى الحركات التي ظهرت فيها، وما كان لي من سهم فيها ومن تفاعل معها.
أنا أخصص وقتي إلا إذا كنت في سفر وتنقل، لا أضيع يوما والحمد لله، أخصص وقتا خاصا، ثلاث ساعات أو أربع ساعات في الكتابة مهما كانت الأعمال والظروف.. في السفر قد أستطيع وقد لا أستطيع.. إنما أشتغل في الصباح من ثلاث إلى أربع ساعات على حسب المواسم والفصول للكتابة.. ثم أنا أعتمد القراءة أكثر من الكتابة.. أولا أجمع المعلومات المبعثرة في صفحات الكتب، أجمعها وأكون منها فكرا ثم أبدأ بستجيلها.
** هـل يمكن أن تتوجهوا بنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم؟
أعتقد أن العالم الآن ليس العالم الإسلامي بل العالم الإنساني، على مفترق طرق.. ونعيش في دور حاسم مقرر للمصير.
فيجب على المسلمين أن ينقذوا الإنسانية وأن يقدموا في أقرب وقت ليأخذوا بزمامها [ ص: 38 ] ويوجهوها وألا يفلتوا الزمام فتفوت الفرصة.
وقد أخفق المعسكران جميعا على ما عندهما من محاولات لتغطية هـذا الفشل، ولكن قد أخفقا إخفاقا ذريعا.. المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي، ولا أمل إلا في الإسلام والمسلمين، لذلك لا بد أن يعرف المسلمون رسالتهم، وأن تعرف حكوماتنا الإسلامية ومجتمعاتنا الإسلامية رسالتها، وتعرف القوة الكامنة، وتعتمد على شعوبها.. وأنا أعتقد - كما قلت في كثير من المناسبات - أن الشعوب الإسلامية من أقوى الشعوب البشرية ومن أسلمها ومن أكثرها إخلاصا وحماسا. فإذا استعانت الحكومات بهذه الشعوب واعتمدت عليها من غير أن تكون هـنالك حرب بين الحكومات والشعوب كما هـو واقع الآن.. المؤسف أن المعركة الوحيدة القائمة على قدم وساق هـي المعركة بين بعض الحكومات والشعوب، لا أطلق القول إطلاقا لكن أقول الكثير من الحكومات الإسلامية والشعوب الإسلامية.
فالقوة الآن تضيع في جهاد من غير جهاد، في غير ساحات العدو، فإذا عرفت الحكومات، حكوماتنا العربية والمتسمية بالإسلام، إذا عرفت قيمة هـذه الشعوب واعتمدت عليها واستعانت بها وأثارت ما عندها من كنوز، تستطيع أن تكون أقوى معسكر وأقوى جبهة عالمية.. (الخصائص العقيدة وخصائص الشعوب) .. والذين جابوا البلاد، والمتبصرون يقولون: إن الشعوب الإسلامية في الشرق هـي من أفضل الشعوب إطلاقا.. يمكن أن يعتمد عليها، لأن الشعوب غير الإسلامية كلها إما منافقة وإما منحرفة.. الإخلاص الذي يوجد عند المسلمين على ضعفهم، ليس له نظير ولا يوجد في غيرهم.. والكلمات الدينية: الله، الرسول صلى الله عليه وسلم ، الشهادة في سبيل الله، الجهاد.. لا يزال لها سحر في نفوس المسلمين ليس لأي كلمة عند أي شعب. فيمكن أن تساق وأن تثار، وأن تحرك الشعوب وتؤثر على العالم؛ لأن هـذه المعاني قد فقدت قيمتها، وفقدت مفهومها عند شعوب العالم.
"رمضان 1403هـ/يونيو1983م" [ ص: 39 ]