المبحث الثالث

الحاجات النفسية للطفل

لاحظ المربون وعلماء النفس المعنيون بالطفولة أن للأطفال حاجات نفسية لا تقل في أهميتها عن حاجتهم إلى الغذاء وإلى الرعاية الصحية والجسمية، فإذا وفى القائمون على تنشئة الأطفال وتعليمهم بهذه الحاجات وراعوها في سلوكهم مع تلاميذهم سارت العملية التربوية والتنشئة على وجهها الصحيح وفي طريقها الناجح واستقامت الصحة النفسية لأولئك التلاميذ، وإن تجـوهلت هذه الحاجات، اضطربت أحوال الناشئين وتخلخلت العمـلية التربويـة بقدر ما حصـل من الإخلال والتجاهل، وفقد الناشئون «الصحة النفسية»، التي لا تقل عن الصحة الجسمية أهمية بل ولا تنفصل عنها.

ومن هذه الحاجات:

1- الحاجة إلى الأمن والطمأنينة:

يشعر الأطفال بالحاجة إلى الحماية والرعاية ممن هم أكبر منهم سنا وأعظم قدرة، ويلجأ الصغير كلما انتابه ما يخافه ويفزعه أو يهدده إلى حضن أمه وكنف أبيه أو القائم على شأنه. [ ص: 60 ]

ومن الضروري أن يشعر الكبار أولادهم وصغـارهم بأنهم نعم الملجأ لهم عند الخطر، ولكن من الحكمة أن نعرف سبب خوف الصغار، فقد يكون في بعض الأحيان وهما قائما على الجهل أو يكون بـداية عقدة تتكون لسبب من الأسباب، وفي هذه الحالات يكون اكتشـاف سبب الخوف أو الذعر أمرا ذا أهمية، ثم يأتي العلاج المناسب ^[1] .

إذا نرى أن الأمن والطمأنينة حاجة ضرورية في حياة الطفل ينبغي للآباء والأمهات الاهتمام بها كي لا ينعكس فقدانها على سلوكيات الطفل في مستقبله. ونجد أن للطمأنينة أعداء في حياة الطفل وهي:

أ- الخلافات والنـزاعات بين الأب والأم؛ لأنه يعتمد في تحقيق الطمأنينة على أبويه، فإذا رآهما غير محققين لهذه الحاجة نزعت الثقة منه.

ب- غياب الوالدين: وذلك يظهر إما بوفاة أو طلاق أو حتى انشغال عن الأبناء ويوكل (الغير) لتربية الأطفال، فيشعر الطفل بعدم الأمن والطمأنينة.

ج- غياب المشاعر الإنسانية: فالطفل يحتاج إلى عاطفة أبوية، فكلما أشبع الأبوان تلك العاطفة للطفل كلما حس بالراحة والدفء والأمن.

د- قلق الوالدين: عندما ينتـاب الوالـدين شعور بالخوف والقلق يؤثر ذلك عـلى الأبناء، فينتابهم ذلك الشعـور وعدم الاستقرار والخوف من المستقبل. [ ص: 61 ]

وكما أن هناك أعداء للطمأنينة والأمن فإن هناك وسائل تربوية لتحقيق هذا الأمن وهذه الطمأنينة وهي:

1- أسلوب الرفق واللين؛ لأنهما الأسلوب الأمثل والتعبير الحقيقي على محبة الوالدين لأبنائهما.

2- اجتناب الشدة والقسوة وكثرة المحاسبة.

3- الاهتمام المستمر بالطفل وتفقده دائما ^[2] .

2- الحاجة إلى المحبة والعطف:

الطفل مخلوق يحتاج إلى محبة وعطف والديه؛ لأنه يتغذى بهذه المحبة نفسيا كما يتغذى جسميا بالطعام، ويوصي الأطباء -أطباء الجسم وأطباء الصحة النفسية- بضرورة توفير هذا العطف، ولو احتاجت الأم إلى الرضاعة الصناعية فيجب عليها أن تحضن وليدها وتدنيه من صدرها كما لو كانت تلقمه ثديها؛ لأنه في هذا الجو من العطف والحنو ينشأ سليما.

وإذا فقد الصغير العطف والمحبة نشأ غير سوي، وأصاب صحته النفسية والعقلية والخلقية انحرافا؛ وكثيرا ما تكون بداية الشذوذ والانحراف والإجرام من فقدان الصغير العطف ممن حوله.

وذلك أيضا واجب المربي نحو تلاميذه. [ ص: 62 ]

3 - الحاجة إلى التكريم والتقدير:

الطفل على الرغم من أنه صغير إلا أنه يحب أن تقدر ذاته ويشعر بكرامته، وكلما كبر نما لديه ذلك الشعور بالكرامة؛ لأن هذه سمة فطرية من سمات الإنسان الذي كرمه الله، حيث ذكر سبحانه في كتابه:

nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70 ( ولقد كرمنا بني آدم ) (الإسراء: 70).

فلهذا الشعور مهمة نفسية وتربوية سامية.

4- الحاجة إلى سلطة ضابطة وموجهة:

إن الطفل بحاجة إلى من يرشده ويوجهه، فالطفل يشعر في أعماق نفسه أنه عند الكبار ما ليس عنده من الأمور، النافع والضار والصحيح والخطأ، وأنه يشعر بحرص أبويه وذويه على الخير له وتحري مصلحته.

ولذا فهو يأنس إلى رأيهم، ويرغب أن يرشدوه إلى ما ينفعه، وينبهوه إلى ما يضره؛ ونحن الكبار قد نسرف في الأمر والنهي والتحكم في تصرفات الطفل فيكون ذلك مما يزهده في هذه السلطة ويصرفه عن الإفادة من توجيهها، فالحكمة تقتضي أن نشعر الطفل بحبنا له وحرصنا عليه ونتركه ينشط حتى إذا ما قارب مجاوزة حده نبهناه وأمرناه ونهيناه.

5- الحاجة إلى النجاح والتشجيع:

نلاحظ أن ارتبـاط الحاجـات النفسية بعضها ببعض وحاجة الطفل إلى النجـاح مرتبطـة بحاجتـه إلى الأمن وحاجتـه إلى التقـدير. ومع [ ص: 63 ] هذا فهـذه الحاجة متميزة ولها أهميتهـا، فالمحـاولات الأخرى للطفل في أي المجالات إذا أدت إلى نجاح فإن هذا يشـعره بالثقـة في نفسه ويدفعه إلى تكرار المحاولة وتحسينها، ولذا يجب أن نضـع الطفل في ظروف ينجح فيها من خـلال الجهـد الذي يبذلـه؛ لأن الشعـور بالإخفاق يفقده الثقة بنفسه.

والمربي الحـكيم لا يقيس إنتاج الطفل بإنتاج الكبار، فالتشجيع هنا يأتي في مكانه المناسب، ويؤدي وظيفتـه التربوية، وعلينا أن لا ننسى «أنه لا شيء يؤدي إلى النجاح مثل النجاح نفسه»، إذا هذه الحاجة يجب أن نراعيها بلا إفراط ولا تفريط، فلكل من الطرفين ضرره وعواقبه السيئة في تنشئة ^[3] . [ ص: 64 ]

المبحث الثالث

الحاجات النفسية للطفل

لاحظ المربون وعلماء النفس المعنيون بالطفولة أن للأطفال حاجات نفسية لا تقل في أهميتها عن حاجتهم إلى الغذاء وإلى الرعاية الصحية والجسمية، فإذا وفىَّ القائمون على تنشئة الأطفال وتعليمهم بهذه الحاجات وراعوها في سلوكهم مع تلاميذهم سارت العملية التربوية والتنشئة على وجهها الصحيح وفي طريقها الناجح واستقامت الصحة النفسية لأولئك التلاميذ، وإن تجـوهلت هذه الحاجات، اضطربت أحوال الناشئين وتخلخلت العمـلية التربويـة بقدر ما حصـل من الإخلال والتجاهل، وفقد الناشئون «الصحة النفسية»، التي لا تقل عن الصحة الجسمية أهمية بل ولا تنفصل عنها.

ومن هذه الحاجات:

1- الحاجة إلى الأمن والطمأنينة:

يشعر الأطفال بالحاجة إلى الحماية والرعاية ممن هم أكبر منهم سنًا وأعظم قدرة، ويلجأ الصغير كلما انتابه ما يخافه ويفزعه أو يهدده إلى حضن أمه وكنف أبيه أو القائم على شأنه. [ ص: 60 ]

ومن الضروري أن يشعر الكبار أولادهم وصغـارهم بأنهم نعم الملجأ لهم عند الخطر، ولكن من الحكمة أن نعرف سبب خوف الصغار، فقد يكون في بعض الأحيان وهمًا قائمًا على الجهل أو يكون بـداية عقدة تتكون لسبب من الأسباب، وفي هذه الحالات يكون اكتشـاف سبب الخوف أو الذعر أمرًا ذا أهمية، ثم يأتي العلاج المناسب ^[1] .

إذًا نرى أن الأمن والطمأنينة حاجة ضرورية في حياة الطفل ينبغي للآباء والأمهات الاهتمام بها كي لا ينعكس فقدانها على سلوكيات الطفل في مستقبله. ونجد أن للطمأنينة أعداء في حياة الطفل وهي:

أ- الخلافات والنـزاعات بين الأب والأم؛ لأنه يعتمد في تحقيق الطمأنينة على أبويه، فإذا رآهما غير محققين لهذه الحاجة نزعت الثقة منه.

ب- غياب الوالدين: وذلك يظهر إما بوفاة أو طلاق أو حتى انشغال عن الأبناء ويوكل (الغير) لتربية الأطفال، فيشعر الطفل بعدم الأمن والطمأنينة.

ج- غياب المشاعر الإنسانية: فالطفل يحتاج إلى عاطفة أبوية، فكلما أشبع الأبوان تلك العاطفة للطفل كلما حس بالراحة والدفء والأمن.

د- قلق الوالدين: عندما ينتـاب الوالـدين شعور بالخوف والقلق يؤثِّر ذلك عـلى الأبناء، فينتابهم ذلك الشعـور وعدم الاستقرار والخوف من المستقبل. [ ص: 61 ]

وكما أن هناك أعداءً للطمأنينة والأمن فإن هناك وسائل تربوية لتحقيق هذا الأمن وهذه الطمأنينة وهي:

1- أسلوب الرفق واللين؛ لأنهما الأسلوب الأمثل والتعبير الحقيقي على محبة الوالدين لأبنائهما.

2- اجتناب الشدة والقسوة وكثرة المحاسبة.

3- الاهتمام المستمر بالطفل وتفقده دائمًا ^[2] .

2- الحاجة إلى المحبة والعطف:

الطفل مخلوق يحتاج إلى محبة وعطف والديه؛ لأنه يتغذى بهذه المحبة نفسيًا كما يتغذى جسميًا بالطعام، ويوصي الأطباء -أطباء الجسم وأطباء الصحة النفسية- بضرورة توفير هذا العطف، ولو احتاجت الأم إلى الرضاعة الصناعية فيجب عليها أن تحضن وليدها وتدنيه من صدرها كما لو كانت تلقمه ثديها؛ لأنه في هذا الجو من العطف والحنو ينشأ سليمًا.

وإذا فقد الصغير العطف والمحبة نشأ غير سوي، وأصاب صحته النفسية والعقلية والخلقية انحرافًا؛ وكثيرًا ما تكون بداية الشذوذ والانحراف والإجرام من فقدان الصغير العطف ممن حوله.

وذلك أيضًا واجب المربي نحو تلاميذه. [ ص: 62 ]

3 - الحاجة إلى التكريم والتقدير:

الطفل على الرغم من أنه صغير إلّا أنه يحب أن تُقدَّر ذاته ويُشعر بكرامته، وكلما كبر نما لديه ذلك الشعور بالكرامة؛ لأن هذه سمة فطرية من سمات الإنسان الذي كرمه الله، حيث ذكر سبحانه في كتابه:

nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=70 ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) (الإسراء: 70).

فلهذا الشعور مهمة نفسية وتربوية سامية.

4- الحاجة إلى سلطة ضابطة وموجهة:

إن الطفل بحاجة إلى من يرشده ويوجهه، فالطفل يشعر في أعماق نفسه أنه عند الكبار ما ليس عنده من الأمور، النافع والضار والصحيح والخطأ، وأنه يشعر بحرص أبويه وذويه على الخير له وتحري مصلحته.

ولذا فهو يأنس إلى رأيهم، ويرغب أن يرشدوه إلى ما ينفعه، وينبهوه إلى ما يضره؛ ونحن الكبار قد نسرف في الأمر والنهي والتحكم في تصرفات الطفل فيكون ذلك مما يزهده في هذه السلطة ويصرفه عن الإفادة من توجيهها، فالحكمة تقتضي أن نُشْعر الطفل بحبنا له وحرصنا عليه ونتركه ينشط حتى إذا ما قارب مجاوزة حده نبهناه وأمرناه ونهيناه.

5- الحاجة إلى النجاح والتشجيع:

نلاحظ أن ارتبـاط الحاجـات النفسية بعضها ببعض وحاجة الطفل إلى النجـاح مرتبطـة بحاجتـه إلى الأمن وحاجتـه إلى التقـدير. ومع [ ص: 63 ] هذا فهـذه الحاجة متميزة ولها أهميتهـا، فالمحـاولات الأخرى للطفل في أي المجالات إذا أدت إلى نجاح فإن هذا يشـعره بالثقـة في نفسه ويدفعه إلى تكرار المحاولة وتحسينها، ولذا يجب أن نضـع الطفل في ظروف ينجح فيها من خـلال الجهـد الذي يبذلـه؛ لأن الشعـور بالإخفاق يفقده الثقة بنفسه.

والمربي الحـكيم لا يقيس إنتاج الطفل بإنتاج الكبار، فالتشجيع هنا يأتي في مكانه المناسب، ويؤدي وظيفتـه التربوية، وعلينا أن لا ننسى «أنه لا شيء يؤدي إلى النجاح مثل النجاح نفسه»، إذًا هذه الحاجة يجب أن نراعيها بلا إفراط ولا تفريط، فلكل من الطرفين ضرره وعواقبه السيئة في تنشئة ^[3] . [ ص: 64 ]