الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا حلف لا يأكل بسرا ، فأكل بسرا مذنبا حنث ، وكذلك لو حلف لا يأكل رطبا ، فأكل رطبا فيه بعض البسر ، فهو حانث ; لأنه أكل المحلوف عليه حقيقة وعرفا ، ولو حلف لا يأكل رطبا ، فأكل بسرا مذنبا ، حنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولم يحنث في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وكذلك لو حلف لا يأكل بسرا ، فأكل رطبا ، وفيه شيء من البسر ، فهو على الخلاف وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول : المذنب لا يسمى رطبا ، وإنما يسمى بسرا حتى يحنث بأكله ، لو كانت يمينه على البسر ، فكيف يكون رطبا وبسرا في حالة واحدة ؟ وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا : الجانب الذي أرطب منه رطب ، ألا ترى أنه لو ميز ذلك ، وأكله وحده حنث في يمينه ، فكذلك إذا أكله مع غيره ، ولهذا يحنث لو كانت يمينه على أكل البسر ; لأن أحد الجانبين منه بسر ، وهذا ينبني على الأصل الذي بينا ، فإن الرطب والبسر جنس واحد ، ومن أصل أبي يوسف رحمه الله تعالى أن المغلوب مستهلك بالغالب ، وإن كان الجنس واحدا ، فأما عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى في الجنس الواحد لا يكون الأقل مستهلكا بالأكثر ، فيعتبر كل واحد منهما على حدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية