واختلف في ، فقال أصحابنا : " جائز قبل دخول وقت الصلاة لمن لا يجد الماء ، ويصلي به الفرض إذا دخل الوقت " . وقال جواز التيمم قبل دخول الوقت مالك بن أنس : ( لا يجوز إلا بعد دخوله ) . ودليلنا قوله : والشافعي أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فأمر بالتيمم بعد الحدث إذا عدم الماء ولم يفرق فيه بين حاله قبل دخول الوقت أو بعده . وأيضا قال : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وقد دللنا في أول الكتاب أن معناه : إذا أردتم القيام وأنتم محدثون ، ثم عطف عليه التيمم وأباحه في الحال التي أمر فيها بالوضوء لو كان واجدا للماء . وأيضا لما قال تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس وأمر بتقديم الطهارة لها في غير هذه الآية وكانت الطهارة شيئين : الماء عند وجوده والتراب عند عدمه ، اقتضى ذلك جواز تقديم التيمم على الوقت ليصلي في أوله على شرط الآية ؛ ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : وقوله التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء : لأبي ذر ولم يفرق بينه قبل الوقت أو بعده ، وإنما علق جوازه بعدم الماء لا بالوقت . التراب كافيك ولو إلى عشر حجج
فإن قيل على استدلالنا بقوله تعالى : أو جاء أحد منكم من الغائط إن ذلك معطوف على قوله : إذا قمتم إلى الصلاة وهو مضمر فيه ، فكان تقديره : إذا قمتم إلى الصلاة [ ص: 21 ] وجاء أحد منكم من الغائط وذلك يكون بعد دخول الوقت .
قيل له : هذا غلط ، من قبل أن قوله : إذا قمتم معناه : إذا أردتم القيام وأنتم محدثون ؛ فهذه جملة مكتفية بنفسها في إيجاب الوضوء للحدث ، ثم استأنف حكم عادم الماء فقال : وإن كنتم مرضى أو على سفر إلى قوله : فتيمموا وهذه أيضا جملة مفيدة مستقلة بنفسها غير مفتقرة إلى تضمينها بغيرها ، وما كان هذا وصفه من الكلام ففي تضمينه بغيره تخصيص له ، وذلك غير جائز إلا بدلالة ، فوجب أن يكون شرط المجيء من الغائط في إباحة التيمم مقرا على بابه وأن لا يضمن بغيره . وأيضا فإن حكم كل جواب علق بشرط أن يرجع إلى ما يليه ولا يرجع إلى ما تقدم إلا بدلالة ، والذي يلي ذلك هو شرط المجيء من الغائط .
وأيضا كما جاز الوضوء قبل الوقت وجب أن يجوز التيمم ؛ كذلك لأنه طهارة لم يوجد بعدها حدث .
فإن قيل : المستحاضة لا تصلي بوضوء فعلته قبل الوقت . قيل له : يجوز ذلك عندنا ؛ لأنها لو توضأت قبل الزوال كان لها أن تصلي به إلى خروج وقت الظهر ، وأما إذا توضأت في وقت الظهر فإنها لا تصلي به في وقت العصر للسيلان الموجود بعد الطهارة والوقت كان رخصة لها في فعل الصلاة مع الحدث ، فلما ارتفعت الرخصة بخروجه وجب الوضوء للحدث المتقدم .