الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 12 ] قلت : وهل مال اليتيم والمعد للاستغلال والمستأجر في البيع وفاء على ما أفتى به علماء الروم كذلك ؟ محل تردد فليراجع ، وبقوله ( ويسقط الأجر بالغصب ) أي بالحيلولة بين المستأجر والعين ; لأن حقيقة الغصب لا تجري في العقار ، وهل تنفسخ بالغصب ؟ قال في الهداية نعم خلافا لقاضي خان ، ولو غصب في بعض المدة فبحسابه ( إلا إذا أمكن إخراج الغاصب ) من الدار مثلا ( بشفاعة أو حماية ) أشباه

التالي السابق


( قوله والمستأجر في البيع وفاء ) بفتح الجيم ، يعني إذا استأجر من المشتري ما باعه منه وفاء بعد قبض المبيع صح كما مر قبيل الكفالة .

قال الشارح هناك : قلت وعليه فلو مضت المدة وبقي في يده ، فأفتى علماء الروم بلزوم أجر المثل .

واعترضه شيخ مشايخنا السائحاني بأن الأملاك الحقيقية لم تجب الأجرة بالتمكن في فاسد إجارتها فكيف هذا ا هـ .

وقال ط : وفيه أنه إجارة أصلا بعد انقضاء المدة فتدبر ا هـ .

أقول : ولا سيما على المعتمد من أنه حكم الرهن فإنه لا يلزمه الأجر ولو استوفى المنفعة في المدة ولو بعد القبض كما في النهاية .

وأفتى به في الخيرية والحامدية من كتاب الرهن ، خلافا لما قدمه الشارح عن الجلبي قبيل الكفالة .

وقال في البزازية : من جعله فاسدا قال لا تصح الإجارة ولا يجب شيء ، وكذا من جعله رهنا ، ومن جوزه جوز الإجارة من البائع وغيره وأوجب الأجر ا هـ . ( قوله محل تردد ) أقول : لا تردد في مال اليتيم ; لأن منافعه تضمن بالغصب وهذا من قبيله سائحاني ، وينافيه ما قدمناه آنفا عن البيري من أن المستأجر للوقف فاسدا لا يعد غاصبا إلخ



( قوله بالغصب ) ; لأن تسليم المحل إنما أقيم مقام تسليم المنفعة للتمكن من الانتفاع ، فإذا فات التمكن فات التسليم منح .

قال الرملي : فلو لم تفت المنفعة بالغصب كغصب الأرض المقررة للغرس والبناء مع الغرس ، والبناء لا تسقط لوجوده معه وهي كثيرة الوقوع فتأمل ( قوله لا تجري في العقار ) أي خلافا لمحمد ( قوله وهل تنفسخ بالغصب إلخ ) ثمرة الخلاف تظهر فيما إذا زال الغصب قبل انقضاء المدة فعلى القول بعدم الفسخ يستوفي ما بقي من المدة وعليه الأجر بحسابه أبو السعود وكلام المصنف مفرع عليه ( قوله ولو غصب في بعض المدة فبحسابه ) وكذا لو سلمه الدار إلا بيتا أو سكن معه فيها كما في البحر .

وفي الشرنبلالية عن البرهان : ويسقط الأجر بغرق الأرض قبل زرعها ، وإن اصطلمه آفة سماوية لزمه الأجر تاما في رواية عن محمد ; لأنه قد زرعها ، والفتوى على أنه يلزمه أجر ما مضى فقط إن لم يتمكن من زرع مثله في الضرر ا هـ وسيذكره الشارح قبيل فسخ الإجارة ويذكر أنه اعتمده في الولوالجية وأنه في الخانية جزم بالأول . ( قوله بشفاعة ) أي باستعطاف خاطر الغاصب أو حماية أي دفع ذي شوكة ، فإن أمكن ذلك لا تسقط وإن لم يخرجه ; لأنه مقصر ، وأما لو لم يمكن إخراجه إلا بإنفاق مال فلا يلزمه كما في القنية وغيرها ذكره أبو السعود في حاشية الأشباه




الخدمات العلمية