الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( غصب ثوبا فصبغه ) لا عبرة للألوان بل لحقيقة الزيادة والنقصان ( أو سويقا فلته بسمن فالمالك مخير [ ص: 197 ] إن شاء ضمنه قيمة ثوبه أبيض ومثل السويق ) عبر في المبسوط بالقيمة لتغيره بالقلي فلم يبق مثليا ، وسماه هنا مثلا لقيام القيمة مقامه كذا في الاختيار ، وقدمنا قولين عن المجتبى ( وإن شاء أخذ المصبوغ أو الملتوت وغرم ما زاد الصبغ و ) غرم ( السمن ) ; لأنه مثلي وقت اتصاله بملكه والصبغ لم يبق مثليا قبل اتصاله بملكه لامتزاجه بماء مجتبى .

التالي السابق


( قوله فصبغه ) فلو انصبغ بلا فعل أحد كإلقاء الريح ، فلا خيار لرب الثوب بل يدفع قيمة الصبغ لصاحبه ; لأنه لا جناية من صاحب الصبغ حتى يضمن الثوب زيلعي ( قوله لا عبرة للألوان إلخ ) بيان لنكتة عدم تعرض المصنف للون الصبغ ، وأن ما روي عن الإمام أن السواد نقصان وعندهما زيادة كالحمرة والصفرة راجع إلى اختلاف عصر وزمان فمن الثياب ما يزداد بالسواد ومنها ما ينتقص كما في التبيين وغيره ( قوله بل لحقيقة الزيادة والنقصان ) فلو كان ثوبا ينقصه الصبغ بأن كانت قيمته ثلاثين درهما مثلا ، فتراجعت الصبغ إلى عشرين فعن محمد ينظر إلى ثوب يزيد فيه ذلك الصبغ ، فإن كانت الزيادة خمسة يأخذ رب الثوب ثوبه وخمسة دراهم ; لأن صاحب الثوب وجب له على الغاصب ضمان نقصان قيمة ثوبه عشرة دراهم ، ووجب عليه للغاصب قيمة صبغه خمسة الخمسة بالخمسة قصاص ، ويرجع عليه بما بقي من النقصان وهو خمسة رواه هشام عن محمد .

واستشكله الزيلعي بما حاصله : أن المالك لم يصل إليه كل حقه ولم ينتفع بالصبغ ، بل ضره فكيف يغرم والإتلاف موجب لكل القيمة فكيف صار مسقطا ، وأجاب الطوري بما لا يشفي فراجعه ( قوله فالمالك مخير ) ; لأنه صاحب أصل والآخر صاحب وصف يقال : ثوب مصبوغ وسويق ملتوت فخير لتعذر التمييز [ ص: 197 ] قوله وسماه ) أي القيمة بمعنى البدل وهو جواب عن المتن حيث يفهم منه خلاف ما في المبسوط وقوله : وقدمنا قولين : أي أوائل الغصب جواب آخر فما في المتن مبني على القول الآخر ، وهو ظاهر المتون وفي الدر المنتقى أنه مثلي ، وقيل قيمي لتغيره بالقلي لكن تفاوته قليل ، فلم يخرج عن كونه مثليا كما في شرح المجمع ا هـ وصحح الأتقاني أنه قيمي ( قوله وغرم ما زاد الصبغ ) برفع الصبغ فاعل زاد أي غرم من النقود بقدر الزيادة الحاصلة في الثوب بسبب الصبغ ( قوله وغرم السمن ) أشار إلى أن السمن منصوب عطفا على ما والمراد غرم مثل السمن ، وبين فائدة إدراجه لفظة غرم المانعة من عطفه على الصبغ المرفوع بقوله : ; لأنه مثلي أي فالواجب فيه ضمانه أي ضمان مثله لا قيمته . وفي الدر المنتقى وقيل بالرفع والصواب النصب ذكره الزاهدي ا هـ ( قوله قبل اتصاله ) لم يقل وقت اتصاله كما قاله في سابقه ; لأن خروج الصبغ عن المثلية بامتزاجه بالماء كان قبل اتصاله بالثوب ، بخلاف السمن ، فإنه لم يخرج عنها إلا وقت اتصاله بالسويق فافهم . وهذا وجه الفرق بين ضمان مثل السمن وبدل الصبغ .




الخدمات العلمية