الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن وجد قتيل في دار نفسه فالدية على عاقلة ورثته ) عند أبي حنيفة ( وعندهما وزفر ولا شيء فيه ) أي في القتيل المذكور ( وبه يفتى ) كذا ذكره منلا خسرو تبعا لما رجحه صدر الشريعة ، وتبعهما المصنف وخالفهم ابن الكمال فقال : لهما إن الدار في يده حين وجد الجرح فيجعل كأنه قتل نفسه فيكون هدرا وله أن القسامة إنما تجب بظهور القتيل ، وحال ظهوره الدار لورثته فديته على عاقلتهم لا يقال العاقلة إنما يتحملون ما يجب على الورثة تخفيفا لهم ولا يمكن الإيجاب على الورثة للورثة ، لأن الإيجاب ليس للورثة بل للقتيل حتى تقضي منه ديونه وتنفذ وصاياه ثم يخلفه الوارث فيه وهو نظير الصبي والمعتوه إن قتل أباه تجب الدية على عاقلته وتكون له ميراثا فتنبه

التالي السابق


( قوله وإن وجد قتيل إلخ ) هذا في الحر أما المكاتب إذا وجد قتيلا في دار نفسه فهدر اتفاقا لأن حال ظهور قتله بقيت الدار على حكم ملكه لأن الكتابة لا تنفسخ إذا مات عن وفاء لجعل كأنه قتل نفسه فيها فهدر دمه عناية وغرر الأفكار ، ثم هذا حيث لم يعلم أن اللصوص قتلته لما في البدائع من باب الشهيد في الجنائز ، لو نزل عليه اللصوص ليلا في المصر ، فقتل بسلاح أو غيره فهو شهيد ، لأن القتيل لم يخلف بدلا هو مال ا هـ

قال في البحر هناك : وبهذا يعلم أن من قتله اللصوص في بيته ولم يعلم له قاتل معين منهم ، لعدم وجودهم فإنه لا قسامة ، ولا دية على أحد لأنهما لا يجبان إلا إذا لم يعلم القاتل ، وهنا قد علم أن قاتله اللصوص ، وإن لم يثبت عليهم لفرارهم ، فليحفظ هذا فإن الناس عنه غافلون ا هـ

أقول : يشمل أيضا من قتله اللصوص في غير بيته فتأمل ( قوله فالدية على عاقلة ورثته ) وقيل على عاقلته إذا اختلفت عاقلته وعاقلة ورثته ، والأول أصح كما في الكفاية عن المبسوط قال في العناية : ولم يذكر القسامة في الأصل فمنهم من قال : لا تجب ومنهم من قال تجب واختاره المصنف ا هـ أي صاحب الهداية ( قوله وعندهما إلخ ) هو رواية عن الإمام أيضا أتقاني ( قوله تبعا لما رجحه صدر الشريعة ) حيث قال : والحق هذا لأن الدار في يده حال ظهور القتل ، فيجعل كأنه قتل نفسه فكان هدرا ، وإن كانت الدار للورثة فالعاقلة إنما يتحملون إلخ قال الرملي : وفي الحاوي القدسي وبه أي بقولهما تأخذ ا هـ ( قوله وخالفهم ابن الكمال ) حيث جزم في متنه بقول الإمام ولم يعرج على ما ذكره صدر الشريعة بل رد ما استند إليه بقوله لا يقال المشعر بالسقوط رأسا وكذا تبع الهداية وشروحها في تأخير دليل الإمام المتضمن لنقض دليلهما مع دفع ما يرد عليه وكيف لا والمتون على قوله فافهم ( قوله ولا يمكن الإيجاب على الورثة ) أي نظرا إلى الأصل فإن ما لزم العاقلة ليس بطريق الإيجاب عليهم ابتداء بل بطريق التحمل وإنما أصل الإيجاب على الورثة ، كما أفاده بقوله إنما يتحملون إلخ ، وقيل : إنه على العاقلة ابتداء وهو خلاف الصحيح كما قدمناه في الجنايات في فصل في الفعلين ( قوله لأن الإيجاب ليس للورثة إلخ ) جواب قوله لا يقال وفي هذا الجواب عما ذكره الشارح قبل ورقة بقوله : وقد يقال لما كان هو لنفسه لا يدي فغيره بالأولى لقوة الشبهة ا هـ فيقال إذا كان الإيجاب لنفسه أصالة فكيف يدي عنها فلا شبهة أصلا ( قوله حتى تقضى منه إلخ ) أي من الواجب المفهوم من الإيجاب ، وأجاب الأتقاني أيضا بأن العاقلة أعم من أن تكون ورثة أو غير ورثة فما وجب على غير الورثة من العاقلة يجب للورثة منهم ، وهذا لأن عاقلة الرجل أهل ديوانه عندنا ا هـ ( قوله فتنبه ) أي لوجه المخالفة

[ ص: 639 ] لصدر الشريعة وغيره وهي ظاهرة




الخدمات العلمية