الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي الوهبانية : تصح إجارة الدار المشغولة يعني ويؤمر بالتفريغ ، وابتداء المدة من حين تسليمها وفي الأشباه : استأجر مشغولا وفارغا صح في الفارغ فقط ، وسيجيء في المتفرقات . ( و ) تصح إجارة أرض ( للبناء والغرس ) وسائر الانتفاعات كطبخ آجر وخزف ومقيلا ومراحا حتى تلزم الأجرة بالتسليم أمكن زراعتها أم لا بحر ( فإن مضت المدة قلعهما وسلمها فارغة ) لعدم نهايتهما ( إلا أن يغرم له المؤجر قيمته ) أي البناء والغرس ( مقلوعا ) بأن تقوم الأرض بهما وبدونهما فيضمن ما بينهما اختيار ( ويتملكه ) بالنصب عطفا على " يغرم " ; لأن فيه نظرا لهما . [ ص: 31 ] قال في البحر : وهذا الاستثناء من لزوم القلع على المستأجر ، فأفاد أنه لا يلزمه القلع لو رضي المؤجر بدفع القيمة لكن إن كانت تنقص بتملكها جبرا على المستأجر وإلا فبرضاه ( أو يرضى ) المؤجر عطفا على " يغرم " ( بتركه ) أي البناء والغرس ( فيكون البناء والغرس لهذا والأرض لهذا ) وهذا الترك إن بأجر فإجارة وإلا فإعارة ، فلهما أن يؤاجراهما لثالث ويقتسما الأجر على قيمة الأرض بلا بناء وعلى قيمة البناء بلا أرض ، فيأخذ كل حصته مجتبى . وفي وقف القنية : بنى في الدار المسبلة بلا إذن القيم ونزع البناء يضر بالوقف يجبر القيم على دفع قيمته للباني إلخ .

التالي السابق


( قوله وسيجيء في المتفرقات ) أي متفرقات كتاب الإجارة ، وسيجيء أيضا حمل ما في الأشباه على ما لو استأجر عينا بعضها فارغ وبعضها مشغول يعني وفي تفريغ المشغول ضرر فلا ينافي ما في الوهبانية



( قوله ومقيلا ومراحا ) عطف على قوله للبناء ، مثل قوله تعالى - { لتركبوها وزينة } - والمقيل : مكان القيلولة : والمراح : بالضم مأوى الماشية ، والمراد بهما هنا المصدر الميمي ليصح جعلهما مفعولا لأجله ، ثم هذا ذكره صاحب البحر بحثا وتبعه الطوري وأفتى به الشهاب الشلبي والحانوتي ، ويراد به إلزام الأجرة بالتمكن من الأرض شملها الماء وأمكن زراعتها أو لا .

قال : ولا شك في صحته ; لأنه لم يستأجرها للزراعة بخصوصها حتى يكون عدم ريها فسخا لها ، وأطال في الأشباه في الاستدلال على ذلك .

ونقل الحموي أنه توقف في صحتها بعضهم ، وأطال أيضا فراجعهما ( قوله أمكن زراعتها أم لا ) هذا فيما لم يستأجرها للزرع ، فلو له لا بد من إمكانه كما مر ويأتي فتنبه . ( قوله قلعهما ) أي إلا أن يكون في الغرس ثمرة فيبقى بأجر المثل إلى الإدراك ط ( قوله وسلمها فارغة ) وعليه تسوية الأرض ; لأنه هو المخرب لها ط عن الحموي . ( قوله لعدم نهايتهما ) أي البناء والغرس ، إذ ليس لهما مدة معلومة بخلاف الزرع كما يأتي ( قوله مقلوعا ) أي مستحق القلع فإنه أقل من قيمة المقلوع كما في الغصب قهستاني .

وفي الشرنبلالية : أي مأمورا مالكهما بقلعهما ، وإنما فسرناه بكذا ; لأن قيمة المقلوع أزيد من قيمة المأمور بقلعه لكون المؤنة مصروفة للقلع كذا في الكفاية ا هـ . ( قوله بأن تقوم الأرض بهما ) أي مستحقي القلع كما علمته .

وبه اندفع اعتراض العيني في الغصب بأن هذا ليس بضمان لقيمته مقلوعا بل هو ضمان لقيمته قائما ، وإنما ضمانا لقيمته مقلوعا أن لو قوم البناء والغرس مقلوعا موضوعا على الأرض ا هـ ، وكأنه فهم أنه تقوم الأرض بهما مستحقي البقاء ، وليس المراد هذا ولا الثاني الذي ذكره بل ما مر فتدبر . ( قوله ; لأن فيه نظرا لهما ) حيث أوجبنا للمؤجر تسلم الأرض بعد انقضاء مدة الإجارة وللمستأجر قيمتهما مستحقي القلع ; لأن أصل [ ص: 31 ] وضعهما بحق . ( قوله قال في البحر إلخ ) لا يخفى أن مفاد الكلام حينئذ أن للمؤجر أن يتملكه جبرا على المستأجر سواء نقصت الأرض بالقلع أم لا مع أنه ليس له ذلك إلا إذا كانت تنقص به ، فلهذا قال الزيلعي وغيره من شراح الهداية : هذا إذا كانت تنقص بالقلع دفعا للضرر عن المؤجر ولا ضرر على المستأجر ; لأن الكلام في مستحق القلع والقيمة تقوم مقامه ، فإن لم تنقص به لا يتملكه إلا برضا المستأجر لاستوائهما في ثبوت الملك وعدم ترجح أحدهما على الآخر ا هـ ملخصا .

فعلم أن قول البحر بعد بيان مرجع الاستثناء لا حاجة إلى هذا الحمل كما فعل الزيلعي وغيره غير ظاهر مع أنه اضطر ثانيا إليه فذكر هذا التفصيل كما فعل شارحنا بقوله لكن إلخ فتنبه ، وهذا ما مرت الإشارة إليه قبل هذا الباب من أن ما في الفتاوى مخالف لما في الشروح بل ولما في المتون ، وقدمنا عن المصنف هناك أنه يشمل الملك والوقف ( قوله إن بأجر ) بأن يعقد لبقائهما عقد إجارة بشروطها ط . ( قوله فلهما ) مرتبط بقوله وإلا فإعارة ط : أي ; لأنه لو كان الترك بأجر لم يبق لرب الأرض مدخل



( قوله المسبلة ) قال الرملي : تقدم في كتاب الوقف أن السبيل هو الوقف على العامة . ( قوله إلى آخره ) تمام عبارة القنية ; ويجوز للمستأجر غرس الأشجار والكروم في الموقوفة إذا لم يضر بالأرض بدون صريح إذن من المتولي دون حفر الحياض ، وإنما يحل للمتولي الإذن فيما يزيد به الوقف خيرا ، وهذا إذا لم يكن له قرار العمارة فيها .

أما إذا كان فيجوز الحفر والغرس والحائط من ترابها لوجود الإذن في مثلها دلالة ا هـ بحر




الخدمات العلمية