الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أو أرسل مسلم كلبه فزجره ) أي أغراه بصياحه ( مجوسي فانزجر ) إذ الزجر دون الإرسال والفعل يرفع بما هو فوقه أو مثله كنسخ الحديث ( أو لم يرسله أحد فزجره مسلم فانزجر ) إذ الزجر إرسال حكما ( أو أخذ غير ما أرسل إليه ) [ ص: 473 ] لأن غرضه أخذ كل صيد يتمكن منه ، حتى لو أرسله على صيود كثيرة بتسمية واحدة فقتل الكل أكل الكل ( أكل ) في الوجوه المذكورة لما ذكرنا ( كصيد رمي فقطع عضو منه ) فإنه يؤكل ( لا العضو ) خلافا للشافعي . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام " { ما أبين من الحي فهو ميتة } " ولو قطعه ولم يبنه ، فإن اشتمل التئامه أكل العضو أيضا وإلا لا ملتقى ( وإن قطعه ) الرامي ( أثلاثا وأكثره مع عجزه أو قطع نصف رأسه أو أكثره أو قده نصفين أكل كله ) لأن في هذه الصور لا يمكن حياة فوق حياة المذبوح فلم يتناوله الحديث المذكور ، بخلاف ما لو كان أكثره مع رأسه للإمكان المذكور .

التالي السابق


( قوله فزجره مجوسي ) أي في ذهابه ، فلو وقف ثم زجره فانزجر لم يؤكل كما قدمناه ( قوله كنسخ الحديث ) فلا ينسخ الصحيح إلا بصحيح أو أصح لا بضعيف ط ( قوله أو أخذ غير ما أرسل إليه ) سواء أخذ ما أرسل إليه أيضا أو لا بشرط فور الإرسال كما مر قال في البدائع : فلو أرسل الكلب أو البازي على صيد وسمى فأخذ صيدا ثم آخر على فوره ذلك ثم وثم أكل الكل لأن التعيين ليس بشرط في الصيد لأنه لا يمكن فصار كوقوع السهم بصيدين ا هـ ملخصا ، ولو أرسله على صيد فأخطأ ثم عرض له آخر فقتله حل ، ولو عرض له بعدما رجع لا يحل لبطلان الإرسال بالرجوع كما [ ص: 473 ] في الخانية وغيرها .

وقال القهستاني : وفيه إشعار بأنه لو أصاب غير ما رماه حل كما في قاضي خان ، وكذا لو رمى صيدا فأصابه ونفذ ثم أصاب آخر ثم وثم حل الكل كما في النظم ا هـ فالإرسال بمنزلة الرمي كما في الهداية والزيلعي ، ونحوه في الملتقى ( قوله لأن غرضه إلخ ) أي غرض المرسل حصول أي صيد تمكن منه الكلب أو الفهد ، وهذا معنى قول الهداية : ولنا أنه : أي التعيين شرط غير مفيد لأن مقصوده حصول الصيد ، إذ لا يقدر أي الكلب على الوفاء به : أي يأخذ العين إذ لا يمكنه تعليمه على وجه يأخذ ما عينه فسقط اعتباره ( قوله بتسمية واحدة ) أي حالة الإرسال ( قوله لما ذكرنا ) أي من العلل الأربعة في الوجوه الأربعة ( قوله لا العضو ) أي إن أمكن حياته بعد الإبانة وإلا أكلا عناية ، وهذا يتصور في سائر الأعضاء غير الرأس نهاية ( قوله خلافا للشافعي ) حيث قال : أكلا إن مات الصيد منه هداية ( قوله ما أبين من الحي ) هذا وإن تناول السمك إلا أن ميتته حلال بالحديث هداية ( قوله وإلا ) بأن بقي متعلقا بجلده هداية ( قوله أو قطع نصف رأسه ) أي طولا أو عرضا بدائع ( قوله أو قده نصفين ) القد : القطع المستأصل أو المستطيل قاموس ، والضمير للصيد كما في البدائع .

وذكر في الشرنبلالية أنه لم يبين كيفية القد في كثير من الكتب ، ثم نقل عن الخانية والمبسوط إن قطعه نصفين طولا أكل . أقول : الظاهر أن الطول غير قيد هنا ، يدل عليه تعليل البدائع بقوله يؤكل لأنه وجد قطع الأوداج لكونها متصلة من القلب بالدماغ فأشبه الذبح ، وكذا لو قطع أقل من النصف مما يلي الرأس ا هـ تأمل ( قوله فلم يتناوله الحديث المذكور ) لأنه ذكر فيه الحي مطلقا فينصرف إلى الحي حقيقة وحكما وهذا حي صورة لا حكما إذ لا يتوهم بقاء الحياة بعد هذا الجرح ، ولهذا لو وقع في الماء وبه هذا القدر من الحياة أو تردى من جبل أو سطح لا يحرم ، وتمامه في الهداية .

أقول : وبهذا سقط اعتراض ابن المصنف على قوله في البزازية : إن كان الصيد يعيش بدون المبان فالمبان لا يؤكل وإن كان لا يعيش بدونه كالرأس يؤكلان ا هـ حيث قال إن الحديث عام فمن أين للبزازي ما قاله ؟ ا هـ . قلت : هو مأخوذ من الهداية وصرح به شراحها وغيرهم ( قوله بخلاف ما لو كان أكثره مع رأسه ) بأن قطع يدا أو رجلا أو فخذا أو ألية أو ثلثه مما يلي القوائم أو أقل من نصف الرأس ، فيحرم المبان ويحل المبان منه هداية




الخدمات العلمية