611 ص: فهذا عبد الله قد أنكر أن يكون مع النبي - عليه السلام - ليلة الجن، فهذا الباب إن كان يؤخذ من طريق صحة الإسناد، فهذا الحديث الذي فيه الإنكار أولى؛ لاستقامة طريقه وثبت رواته، وإن كان من طريق النظر فإنا رأينا الأصل المتفق عليه أنه لا يتوضأ بنبيذ الزبيب ولا بالخل، فكان النظر على ذلك أن يكون نبيذ التمر أيضا كذلك.
[ ص: 291 ] وقد أجمع العلماء أن نبيذ التمر إذا كان موجودا في الحال وجود الماء، أنه لا يتوضأ به؛ لأنه ليس بماء، فلما كان خارجا من حكم المياه في حال وجود الماء، كان كذلك هو في حال عدم الماء.
وحديث ابن مسعود الذي فيه إنما فيه: أن النبي - عليه السلام - توضأ به وهو غير مسافر، لأنه إنما خرج من التوضؤ بنبيذ التمر مكة يريدهم، فقيل: إنه توضأ بنبيذ التمر في ذلك المكان، وهو في حكم من هو بمكة، ، لأنه يتم الصلاة [1\ق159-أ] فهو أيضا في حكم استعمال ذلك النبيذ هنالك، في حكم استعماله إياه في مكة ، فلو ثبت بهذا الأثر أن النبيذ مما يجوز التوضؤ به في الأمصار والبوادي ثبت أنه يجوز التوضؤ به في حال وجود الماء وفي حال عدمه. فلما أجمعوا على ترك ذلك والعمل بضده، فلم يجيزوا التوضؤ به في [الأمصار] ، ولا فيما حكمه حكم الأمصار؛ ثبت بذلك تركهم لذلك الحديث، وخرج حكم ذلك النبيذ من حكم سائر المياه.
فثبت بذلك أنه لا يجوز التوضؤ به في حال من الأحوال، وهذا هو قول أبي يوسف ، رحمه الله وهو النظر عندنا، والله أعلم.