مسألة
قال الأصفهاني : ، بل غير المناسب مقبول مسموع اتفاقا ، والمانعون من التعليل بالشبه يوافقون على ذلك . لا يشترط في القيد الدافع للنقض أن يكون مناسبا
وقال في " المحصول " : أما الطاردون فقد جوزوه ، وأما منكرو الطرد فمنهم من جوزه ، والحق أنه لا يجوز ، لأن أحد أجزاء العلة إذا لم يكن مؤثرا لم يكن مجموع العلة مؤثرا ، وكذا حكى الخلاف هل يجوز دفع النقض بقيد طردي ؟ إمام الحرمين في " البرهان " ثم اختار التفصيل بين أن يكون القيد الطردي يشير إلى مسألة تفارق مسألة النزاع بفقه فلا يجوز نقض العلة ، وإلا فلا يفيد الاحتراز عنه ( قال ) : ولو اختلف فيه الجدليون ، والأقرب تصحيحه لأنه اصطلاح . فرض التقييد باسم غير مشعر بفقه ولكن مباينة المسمى به لما عداه مشهور بين النظار ، فهل يكون التقييد بمثله تخصيصا للعلة ؟
[ الطريق ] الثاني : منع تخلف الحكم عن العلة في صورة النقض ويدعي ثبوته فيها . وهو إما تحقيقي مثل : السلم عقد معاوضة فلا يشترط فيه التأجيل ، كالبيع ، فإن نقض بالإجارة قلنا : الأجل ليس شرطا لصحة عقد الإجارة وإنما جاء فيها لتقرير المعقود عليه ، وهو الانتفاع بالعين . أو [ ص: 344 ] تقديري ، وهو دافع للنقض على الأظهر ، تنزيلا للمقدر منزلة المحقق ، كقولنا : رق الأم علة لرق الولد ، فيكون هذا الولد رقيقا . فإن نقض بولد المغرور بحرية أمه حيث كان رق الأم موجودا مع انعقاد الولد حرا ، قلنا : رق الأم موجود ، وتقدير وجوده أنه ينعقد رقيقا ثم يعتق على المغرور ، إذ لا قيمة للحر .
قال في " المحصول " : والتحقيقي دافع للنقض إذا كان الحكم متفقا عليه بين المستدل وخصمه ، أو كان مذهبا للمستدل فقط ، لأنه إذا لم يف بطرد علته فلأن لا يجب على غيره أولى ، فإن كان مذهبا لخصمه فقط لم يتوجه لأن خلافه كخلافه في الصورة المتنازع فيها . ولو منع المستدل تخلف الحكم ففي تمكين المعترض من الاستدلال على عدم الحكم الخلاف السابق في منع وجود العلة في صورة النقض .
وهنا فرع حسن : لو ذكره نقض المعترض فقال المستدل المنتصر لمذهب إمام : لا أعرف في هذه المسألة نصا ، ولا يلزمني النقض ، فهل يدفع بذلك النقض ؟ في " الملخص في الجدل " . ومثله باستدلال الحنفي على القارن أنه إذا قتل صيدا أنه يلزمه جزاءان ، لأنه أدخل النقض على إحرام الحج والعمرة فلزمه جزاءان ، كما لو أحرم بالحج فقتل صيدا ، ثم أحرم بالعمرة فقتل صيدا . فقال له : هذا ينتقض بما إذا أحرم المتمتع بالعمرة فجرح صيدا ، ثم أحرم بالحج فجرحه ثم مات ، فإنه أدخل النقض على إحرام الحج والعمرة ثم لا يلزمه جزاءان . فيقول المخالف : لا أعرف نصا في هذه المسألة . الشيخ أبو إسحاق
ثم قال : رأيت يقول في مثل هذا : إذا جوزت أن يكون مذهبك على ما ألزمته وجب أن لا يحتج بهذا القياس ، قال : وعندي [ ص: 345 ] أنه يلزمه النقض ، لأنه وإن احتمل ما قاله إلا أن القياس يقتضي أنه يلزمه كفارتان فيعمل به ما لم يمنع مانع ، كالعموم قبل ظهور المخصص . انتهى . القاضي أبا الطيب
وحاصله أن المعلل له أن يلزم بصورة النقض عند الشيخ ، وعند القاضي ليس له ذلك مع احتمال أن لا يكون مذهب إمامه ، وهو أمر راجع إليه في نفسه ، ولا خلاف بينهما أنه لا يكتفي منه بأن يقول : لا أعرف نصا في هذه المسألة . وذكر من الحنابلة جوابين آخرين عن النقض : القاضي أبو يعلى
أحدهما : أن نفس اللفظ مما يحتمله ليظهر أن المراد غير ما ظنه المعترض فأورد نقضا .
الثاني : أن يبين التسوية بين الفرع والأصل في ذلك الحكم ، مثل أن يقول في المسح على العمامة : عضو سقط في التيمم فجاز المسح على حائل كالقدم ، فيقول الخصم : هذا ينتقض بغسل الجنابة ، فإنه لا يجوز المسح عليه فيها مع أنه يسقط في التيمم ، فيقول المستدل : إنما تعذر التسوية بين الفرع والأصل وقد اتفقا في حكم الجنابة . قلت : وينبغي البداءة بما ذكره أولا في ترتيب الأجوبة . ويزاد جواب ( خامس ) : وهو أن نسلم ورود النقض ونتعذر عنه بإبداء أمر في صورة النقض يصلح استناد انتفاء الحكم إليه ، ليبقى دليل ثبوت العلة سليما عن معارض .