المبحث الثاني: حكم العمرى
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: العمرى في العقار
وصورتها: أن يقول الرجل: أعمرتك داري هذه، أو هي لك عمرى، أو ما عشت، أو مدة حياتك، أو ما حييت، أو نحو هذا.
اختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في على قولين: حكم العمرى في العقار
القول الأول: أنها جائزة.
وهو قول جمهور العلماء: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية.
القول الثاني: أنها لا تصح العمرى.
وبه قال بعض الفقهاء. [ ص: 12 ]
الأدلة:
أدلة الرأي الأول: (جواز العمرى):
(227) 1- ما رواه البخاري من حديث ومسلم أبي سلمة، عن -رضي الله عنه- قال: جابر "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى أنها لمن وهبت له".
(228) 2- ما رواه من طريق مسلم عن أبي الزبير، -رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: جابر "أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإن من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه".
(229) 3- ما رواه من طريق مسلم أيوب، عن عن أبي الزبير، وفي حديث جابر، أيوب من الزيادة قال: جعل الأنصار يعمرون المهاجرين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمسكوا عليكم أموالكم".
(230) 4- ما رواه من طريق مسلم أبي سلمة، عن -رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: جابر غير أن يحيى قال في أول حديثه: "من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه، فقد قطع قوله حقه فيها، وهي لمن أعمر ولعقبه" "أيما رجل أعمر عمرى فهي له ولعقبه".
فهذه الأحاديث صريحة في صحة العمرى.
(231) 5- ما رواه من طريق الإمام أحمد حجاج، عن عن أبي الزبير، عن طاوس، -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ابن عباس (مرسل) . [ ص: 14 ] "من أعمر عمرى [ ص: 13 ] فهي لمن أعمرها جائزة، ومن أرقب رقبى فهي لمن أرقبها جائزة، ومن وهب هبة ثم عاد فيها فهو كالعائد في قيئه"
6- ما سيأتي أيضا من الأحاديث، وآثار الصحابة -رضي الله عنهم- في المسائل الآتية من صحة العمرى.
دليل الرأي الثاني: (عدم صحة العمرى):
حديث -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: جابر "لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئا أو أعمره فهو لورثته".
وأجيب عنه: قال "فأما النهي فإنما ورد على سبيل الإعلام لهم إنكم إن أعمرتم أو أرقبتم يعد للمعمر والمرقب، ولم يعد إليه منكم شيء، وسياق الحديث يدل عليه، فإنه قال: فمن أعمر عمرى، فهي لمن أعمرها حيا وميتا ولعقبه". [ ص: 15 ] ابن قدامة:
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من صحة العمرى; لقوة دليله، ومناقشة دليل القول الآخر.
* * *