الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثاني: رجوع الهبة إلى الواهب بالهبة أو الهدية

        وأما رجوع الهبة إلى ملك الواهب بهبة أو بهدية، فمن الفقهاء من ألحقها بشراء الهبة، ومنهم من ألحقها بالميراث.

        فالمالكية والشافعية يلحقونها بالشراء، فيرون كراهة تملك الإنسان لهبته بالهبة أو الهدية، لكن المالكية يخصون هذا كما تقدم بالهبة التي لا يدخلها الاعتصار.

        وكأنهم رأوا أن في رجوع الموهوب بالهبة أو الهدية شبها برجوعها بالشراء، من جهة أن كلا منها يقع بخيار الإنسان ومن غير جبر، فالهبة من العقود الاختيارية التي لا تتم إلا عن رضا الواهب والموهوب له، والمهدي والمهدى إليه.

        لذا يستدل الشافعية على كراهة تملك الإنسان هبته بالمعاوضة أو بالهبة [ ص: 216 ] بحديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي فيه نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- له عن شراء فرسه الذي تصدق به.

        أما الحنابلة: فيلحقون رجوع الصدقة بالهبة والهدية برجوعها بالميراث فيرون جواز ذلك.

        وكأنهم رأوا المشابهة بينها بكونها بلا عوض، بخلاف الشراء فإنه بعوض.

        والأقرب: أن الأقوى قول المالكية والشافعية; لأن رجوع الصدقة لصاحبها بالهبة أو الهدية، وإن كان بغير عوض إلا أنه إذا قبله، فكأنه اختار إرجاع شيء أخرجه لله تعالى، مع أن في وسعه رفض ذلك مما يجعل فيه شبها بشراء الصدقة الذي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه.

        وأيضا الهبة أو الهدية قد يقصد بها واهبها ومهديها العوض والثواب، فتكون فيها معاوضة، وبه يقوى شبهها بالشراء المنهي عنه، والله تعالى أعلم.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية