الشرط السادس عشر: أن لا يؤجر الولد الهبة.
صورة ذلك: أن يهب الأب لولده هبة، فيؤجر الولد تلك الهبة، فهل يصح للوالد أن يفسخ الهبة فيها أو لا يصح له ذلك؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن ذلك لا يمنع الرجوع. [ ص: 158 ]
وهو المذهب عند الشافعية، وبه قال الحنابلة.
وهو مقتضى مذهب الحنفية والمالكية، القاضي بأن العين ما دامت على حالها ولم تخرج من ملك الولد يمكن للأب الرجوع فيها.
غير أن الشافعية والحنابلة مع كونهم يرون أن الأب لا يمتنع عليه الرجوع بالتأجير; إلا أنهم يرون أن فرجع قولهم إلى القول الثاني. الإجارة لا تفسخ حتى تنتهي مدتها،
وحجته ما يلي:
1- حديث -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ابن عباس "لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهبه إلا الوالد".
2- أن تأجير العين لا يمنع على الولد التصرف فيها، وكل ما لا يمنع التصرف على الولد لا يمنع التصرف على الوالد.
3- أن العين باقية على ملك الولد لم تخرج، والهبة للولد إذا بقيت في ملكه جاز لوالده الرجوع فيها، فكذا هنا.
القول الثاني: أن ذلك يمنع الرجوع منعا مؤقتا إلى انتهاء عقد الإجارة.
وهو قول للشافعية. [ ص: 159 ]
وحجته: أن المستأجر مختص بمنافع العين المؤجرة، فيمنع الرجوع على الأب؛ دفعا للضرر عن المستأجر.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- أن تأجير العين الموهوبة لا يمنع الرجوع; لقوة دليله.
ثمرة الخلاف: على القول بالفوات تكون زوائد العين المؤجرة المنفصلة والأجرة للولد حتى تنتهي مدة الإجارة، وعلى القول برجوع الوالد وعدم الفوات يكون كل ذلك للأب من تاريخ الفسخ.