5- عن -رضي الله عنها- قالت: نحلني عائشة -رضي الله عنه- جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال لي: "إني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا من مالي بالعالية، فلو كنت جذذتيه وحزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه بينكم على كتاب الله". أبو بكر
وجه الاستشهاد من وجهين:
الوجه الأول: أنه أخبر أنها لو قبضت ذلك في الصحة تم لها ملكه، وأنها لا تستطيع قبضه في المرض قبضا تتم لها به ملكيته، وجعل ذلك غير جائز، كما لا تجوز الوصية لها، ولم تنكر ذلك ولا سائر الصحابة، فكان ذلك إجماعا منهم. عائشة
ونوقش هذا الاستدلال من وجوه:
الوجه الأول: أن عطيته كانت زمن الصحة لا زمن المرض، والذي منعها من تملكه أنها لم تقبضه فلو كانت قبضته لكان ملكا لها كما أخبرها، وحيث إنها لم تقبض فلا زال في ملكه لم ينتقل إليها أصلا. [ ص: 262 ]
ورد: بأنه غير مسلم، بل في بعض ألفاظ الأثر دليل على أنه في مرض الموت.
الوجه الثاني: لو سلم أنها عطية في مرض الموت المخوف، فهل كانت هذه العطية أكثر من الثلث حتى يمنعها الصديق من تملكها؟ ومعلوم أنه -رضي الله عنه- من كبار تجار المدينة وأغنيائها، بل هي قطعة أقل منه، فدل على أن سبب ردها أنها لم تقبضها، فلم تنتقل لها، بل لا زالت في ملكه، ثم قولكم: لو أنها حازته هل يصح ذلك أو لا؟ إن قلتم: لا، لم يكن لقول -رضي الله عنه- فائدة، وإن قلتم: نعم، فقد أجزتموه إذا. أبي بكر
الوجه الثالث: قول -رضي الله عنه-: "إنما هو اليوم مال وارث" دل ذلك على أن المال انتقل إلى الورثة حكما، وأن أبي بكر لحق الورثة، يبقى ما استثناه الشارع وهو الثلث. المريض مرض الموت محجور عليه فيما يتعلق بتبرعاته
(271) 5- ما رواه من طريق ابن أبي شيبة أن مكحول، -رضي الله عنه- قال: "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة في حياتكم يعني الوصية". معاذ بن جبل
6- القياس على الوصية; لأن الحال الظاهر منها الموت، فكانت عطيته فيها في حق الورثة لا تتجاوز الثلث; ذلك أن حصول سبب الموت بمنزلة حضور الموت.