[ ص: 348 ] ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا .
[14] ولو دخلت عليهم أي: المدينة من أقطارها نواحيها، المعنى: لو دخل الأحزاب المدينة من جوانبها.
ثم سئلوا الفتنة الردة إلى الكفر ومقاتلة المسلمين.
لآتوها قرأ ، نافع ، وأبو جعفر : (لأتوها) بقصر الهمزة; أي: لجاؤوها وقبلوها، وقرأ الباقون: بالمد ; أي: لأعطوها السائلين. وابن كثير
وما تلبثوا بها أي: ما احتبسوا عن الفتنة إلا يسيرا ولأسرعوا الإجابة إلى الشرك طيبة به أنفسهم، وقيل: وما لبثوا بالمدينة بعد الارتداد إلا قليلا حتى هلكوا.
المدينة: ما بين وحد حرم ثور إلى عير، وهما جبلان، فثور جبل صغير إلى الحمرة بتدوير خلف أحد من جهة الشمال، وغير مشهور بها، وقدر الحرم: بريد ببريد، وقد ورد في الحديث: ، وفي رواية: اللهم إني أحرم ما بين لابتيها ، وفي رواية: ما بين جبليها ما بين [ ص: 349 ] مأزميها ، ولابتا المدينة: هما الحرتان الشرقية والغربية، والحرة هي: الأرض ذات الحجارة السود، ورواية أرجح; لتوارد الرواة عليها، ورواية "جبليها" لا تنافيها، فيكون عند كل لابة جبل، فما بين لابتيها بيان لحد حرمها من جهتي المشرق والمغرب، وما بين جبليها بيان لحده من جهتي الجنوب والشمال، وأما رواية "مأزميها" ، فالمأزم: المضيق بين الجبلين، وقد يطلق على الجبل نفسه، وهذا يدل على أن صيدها وشجرها محرم، وهو قول الثلاثة; خلافا ما بين لابتيها ، ولا جزاء فيه بالاتفاق، والله أعلم، وتقدم ذكر حدود الأرض المقدسة في المائدة، وحرم لأبي حنيفة مكة في التوبة.
* * *