الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 472 ] إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون .

[14] إذ أرسلنا أي: أرسل عيسى بأمرنا إليهم اثنين هما يوحنا ويونس; ليدعواهم إلى الإسلام، فقربا منها، فرأيا شيخا، وهو حبيب النجار، فأخبراه خبرهما، فقال: هل من آية؟ قالا: نبرئ الأكمه والأبرص والمريض، فأبرأا خلقا كثيرا، فدعاهما الملك، واسمه أنطيخس، وكان من ملوك الروم يعبد الأصنام، فقال: لم جئتما؟ قالا: ندعوك إلى عبادة الرحمن، فقال: ألنا رب سوى آلهتنا؟ قالا: نعم، من أوجدك وآلهتك، فقال: قوما حتى أنظر في أمركما، فذهبا عنه.

فكذبوهما وضربوهما وحبسوهما.

فعززنا قرأ أبو بكر عن عاصم : بتخفيف الزاي; من عزه: غلبه، فالمفعول محذوف; أي: غلبنا أهل المدينة بثالث وقرأ الباقون: بتشديدها ; من القوة، والمفعول محذوف أيضا; أي: قوينا المرسلين برسول ثالث، وهو شمعون الصفا رأس الحواريين; لأن عيسى بعثه بعد الرسولين تقوية لهما، فتوصل إلى أن أنس به الملك، فقال له يوما: سمعت إنك حبست رجلين، فهل سمعت ما يقولان؟ قال: لا، فأحضرهما، فقال لهما شمعون: من أرسلكما؟ قالا: الله، قال: صفاه وأوجزا، قالا: يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، فدعا بغلام مطموس العينين موضع عينيه كالجبهة، فدعوا الله، فانشق له بصره، فقال شمعون للملك: ادع إلهك [ ص: 473 ] حتى يصنع كذلك، فيكون لك وله الشرف، فقال له: ليس لي دونك سر، إن إلهي لا يسمع ولا يبصر، ولا ينفع ولا يضر، ثم قال لهما شمعون: إن قدر إلهكما على إحياء ميت، آمنا به، فجيء بميت من سبعة أيام، فدعوا علانية، وشمعون سرا، فحيي الغلام فقال: دخلت في سبعة أودية من نار، وأنا أحذركم ما أنتم فيه، فآمنوا، وقال: فتحت أبواب السماء، فرأيت شابا يشفع لهؤلاء الثلاثة، قال الملك: ومن هم؟ قال: شمعون، وهذان، فآمن الملك وبعض أصحابه بعد أن أخبره شمعون بالحال، وكفر آخرون.

فقالوا أي: رسل عيسى .

إنا إليكم أي: أهل أنطاكية مرسلون .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية