وما ذكره من التمثيل بالواحد والقديم فيه نزاع، فإن الصفاتية متنازعون في القديم والباقي: هل هو قديم باق ببقاء، كما يقوله أو قديم بنفسه باق ببقاء، كما يقوله ابن كلاب؟ ومن وافقه الأشعري، كأبي علي بن أبي موسى؟ أو قديم بنفسه باق بنفسه، كما يقوله ومن وافقه، القاضي أبو بكر كالقاضي أبي يعلى؟
وأما أن الأشعرية يقولون في العلم ونحوه: إن هذه الصفات هي صفات معنوية، وإنها زائدة على الذات.
فيقال: [ ص: 234 ] مقصودهم في الأصل إثبات هذه الصفات، وإبطال قول من قال: عالم بلا علم، وقادر بلا قدرة. أو قال: إن ذاته علم وقدرة.
والأشعرية هم في إثبات هذه الصفات، مع سائر أهل السنة والجماعة، لم ينازعهم في إثبات الصفات إلا من هو -عند السلف والأئمة- من أعظم الناس ضلالا، كالجهمية والمعتزلة. وإذا قالوا: هو عالم بالعلم، وقادر بالقدرة، لم يريدوا بذلك أن هنا ذاتا منفصلة عنه، صار بها عالما قادرا، كما يظنه بعض الغالطين عليهم، فإن هذا لم يقله أحد من عقلاء بني آدم فيما نعلم، ولكن بعضهم، وهم مثبتة الحال، كالقاضي أبي بكر وغيرهما، يقولون: إن له صفة هي العلم أوجبت كونه عالما، وكونه عالما حال معللة بالعلم. والقاضي أبي يعلى
وأما جمهورهم، وهم نفاة الحال، فيقولون: علمه هو كونه عالما، وقدرته هو كونه قادرا، ليس هناك أمران، ولا علة ولا معلول.
وهذا قول الأكثرين: وغيره. الأشعري