الوجه الثامن: أن قوله: وأنه يبدي العلامة التي ذكرها، فيسجدون له؛ صريح بأن «فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم في الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا». وسجدوا له لما عرفوه. الذي يسجدون له قد جاء في الصورة التي يعرفون، ويتجلى لهم في الصورة التي رأوه فيها أول مرة، وذلك صريح بأن الله هو الآتي في الصورة التي عرفوه فيها،
الوجه التاسع: قوله: «يحتمل أن يكون المراد إذا جاء إحسان ربنا عرفناه»، وقوله: معناه «فيأتيهم الله في الصورة التي [ ص: 92 ] يعرفون»، «فيأتيهم الله بالصورة التي يعرفون أنها من أمارات الإحسان».
فيقال له: هذا أولا باطل؛ فإن المراد إذا كان المعرفة بآياته فهو يظهر آيات العقاب تارة وآيات الإحسان تارة، وهو الخالق لكل شيء. وقد قال تعالى لما ذكر ما ذكره في سورة النجم: فبأي آلاء ربك تتمارى [النجم: 55] وكذلك لما ذكر آياته في سورة الرحمن، وقال تعالى: إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها [النمل: الآيات 91-93] وقال تعالى: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق [فصلت: 53] وإذا كانت ليست موقوفة على الإحسان بطل هذا. معرفة الله بالآيات
الوجه العاشر: أن يقال: فلم لم يظهر لهم بعد ذلك شيئا من الإحسان غير تجليه هو؟ فلو كان المراد إحسانه لوجب أن لا يعرفوه حتى يخلق شيئا من نعمه في العرصة قبل معرفتهم له وسجودهم له، ولما عرفوه وسجدوا له قبل أن يخلق شيئا من ذلك علم أنه ليس المراد، فإذا جاء إحسان ربنا عرفناه.