ولقد أرسلنا استئناف كلام دون واو وفي هود : والمؤمنون ، ولقد ، بواو العطف ، قال الكرماني : لما تقدم ذكر الرسول مرات في هود وتقدم ذكر نوح ضمنا في قوله " وعلى الفلك " ؛ لأنه أول من صنعها عطف في السورتين . انتهى . واللام جواب قسم محذوف أكد تعالى هذا الإخبار بالقسم ، قال : فإن قلت : ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام إلا مع قد ، وقل عنهم قوله : الزمخشري
حلفت لها بالله حلفة فاجر لناموا . . . . . . .
قلت : إنما كان ذلك ؛ لأن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها التي هي جوابها ، فكانت مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى قد عند استماع المخاطب كلمة القسم . انتهى . وبعض أصحابنا يقول إذا أقسم على جملة مصدرة بماض مثبت متصرف ، وكان قريبا من زمان الحال أثبت مع اللام بقد الدالة على التقريب من زمن الحال ولم تأت بقد ، بل باللام وحدها إن لم يرد التقريب ، قال : ( ابن عباس أرسلنا ) بعثنا ، وقال غيره حملناه رسالة يؤديها فعلى هذا تكون الرسالة متضمنة للبعث ، وهنا فقال بفاء العطف وكذا في : " المؤمنون " في قصة عاد وصالح وشعيب ، هنا قال بغير فاء ، والأصل الفاء ، وحذفت في القصتين توسعا واكتفاء بالربط المعنوي ، وفي قصة نوح في هود ( إني لكم ) على إضمار القول ، أي : فقال إني . وفي ندائه قومه تنبيه لهم لما يلقيه إليهم واستعطاف وتذكير بأنهم قومه ، فالمناسب أن لا يخالفوه ومعمول القول جملة الأمر بعبادة الله وحده ورفض آلهتهم المسماة ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا وغيرها ، والجملة المنبهة على الوصف الداعي إلى عبادة الله ، وهو انفراده بالألوهية ، المرجو إحسانه المحذور انتقامه دون آلهتهم ولم تأت بحرف عطف ؛ لأنها بيان وتفسير لعلة اختصاصه تعالى بأن يعبد ، وقرأ ، ابن وثاب ، والأعمش وأبو جعفر ( غيره ) بالجر على لفظ ( إله ) بدلا ، أو نعتا ، وقرأ باقي السبعة ( غيره ) بالرفع عطفا على موضع ( ، والكسائي من إله ) ؛ لأن من زائدة بدلا ، أو نعتا ، وقرأ عيسى بن عمر ، ( غيره ) بالنصب على الاستثناء ، والجر والرفع أفصح ، و ( من إله ) مبتدأ و ( لكم ) في موضع الخبر ، وقيل : الخبر محذوف ، أي : في الوجود و ( لكم ) تبيين وتخصيص ، و ( أخاف ) قيل : بمعنى أتيقن وأجزم ؛ لأنه عالم أن العذاب ينزل بهم إن لم يؤمنوا ، وقيل : الخوف على بابه بمعنى الحذر ؛ لأنه جوز أن يؤمنوا ، وأن يستمروا على كفرهم و ( يوم عظيم ) هو يوم القيامة ، أو يوم حلول العذاب بهم في الدنيا ، وهو الطوفان وفي هذه الجملة إظهار الشفقة والحنو عليهم .