فصل :
والقسم الثالث : ، مثل قطع اليدين مع الرجلين ، أو جدع الأنف مع اللسان ، فتشتمل الدعوى على ديتين . فإن قيل : إن الأيمان لا تغلظ بالعدد في الدية وما دونها ، لم تغلظ بالعدد فيما زاد عليها ، واقتصر فيها على يمين واحدة ، وإن اشتملت على ديتين . وإن قيل : إن الأيمان تغلظ بالعدد في الدية وما دونها ، فأولى أن تغلظ بالعدد فيما زاد عليها . وهل تكون الزيادة على الدية موجبة لزيادة العدد في الأيمان أم لا ؟ على وجهين : أن يستحق بالدعوى أكثر من الدية
أحدهما : لا توجبها : لأن الخمسين غاية العدد في التغليظ ، فلم يحتج التغليظ إلى تغليظ .
والوجه الثاني : أن الخمسين تغليظ مقدر في دية النفس ، فصار غاية فيها ، فلم يصر غاية فيما زاد عليها .
فعلى هذا : لو أوجبت الدعوى ديتين تغلظت الأيمان بمائة يمين ، وإن أوجبت دية [ ص: 29 ] ونصفا تغلظت بخمسة وسبعين يمينا ، وإن أوجبت دية وثلثا تغلظت بسبعة وستين يمينا ، وعلى هذا القياس ، ثم إن كانت على واحد حلف بجميعها ، وإن كانت على جماعة ، فعلى ما قدمناه من القولين :
أحدهما : يحلف كل واحد منهم جميعها .
والثاني : تقسط بينهم على أعدادهم ، فيجيء فيما يحلف كل واحد منهم إذا كانوا خمسة ، والدعوى فيما يوجب ديتين ، خمسة أقاويل :
أحدها : مائة يمين .
والثاني : خمسون يمينا .
والثالث : عشرون يمينا .
والرابع : عشرة أيمان .
والخامس : يمين واحدة . فإن نكلوا عن الأيمان وردت على المدعي ، كان حكمه في تغليظ الأيمان بالعدد مثل حكمهم . والله أعلم .