الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            فإذا تقرر ما ذكرنا من شرح المذهب في قطع السارق قبل حضور الغائب ، فإن قلنا : يعجل قطعه ولا يؤخر . انتزعت منه السرقة إن كانت عينا : وأغرم قيمتها إن كانت مستهلكة ، ووقفت على حضور الغائب ، فإن ادعاها سلمت إليه ، وإن أنكر نظر ، فإن كان ثبوتها بشهادة ردت عليه السرقة ، وإن كان ثبوتها بإقرار لم ترد ، وكانت في بيت المال حتى يثبت بها مستحق : لأنه في الإقرار منكر لاستحقاقها ، وفي الشهادة غير منكر لاستحقاقها . ولو أقر رجل بدين لغائب ترك عليه ولم يؤخذ منه بخلاف السرقة : لأن صاحب الدين راض بذمته ، وصاحب السرقة غير راض بها .

                                                                                                                                            وإن قلنا : يؤخر قطعه ولا يعجل لم تخل السرقة من أن تكون باقية أو مستهلكة ، فإن كانت مستهلكة ، استقر غرمها في ذمته ، ولم تقبض منه : لتكون ذمته مرتهنة بها ، ويحبس على حضور الغائب بحقه وحق الله تعالى في قطعه . وإن كانت باقية في يده ، حجر عليه فيها حفظا لها ولم تنتزع منه : لتكون باقية في ضمانه ، وهل يحبس على حضور الغائب أم لا ؟ على وجهين : [ ص: 338 ] أحدهما : لا يحبس لبقاء العين المسروقة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يحبس لحق الله تعالى في قطعه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية