الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يرد من قضاء قاضيهم إلا ما يرد من قضاء قاضي غيرهم . ( وقال في موضع آخر ) : إذا كان غير مأمون برأيه على استحلال دم ومال ، لم ينفذ حكمه ولم يقبل كتابه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وقال في موضع آخر : إن كان غير مأمون برأيه على استحلال دم أو مال ، لم ينفذ حكمه ولم يقبل كتابه .

                                                                                                                                            إذا قلد أهل البغي قاضيا على البلاد التي غلبوا عليها ، نظرت حاله :

                                                                                                                                            فإن كان يرى استحلال دماء أهل العدل وأموالهم : كان تقليده باطلا وقضاياه مردودة ، سواء وافقت الحق أو خالفته .

                                                                                                                                            لأنه بهذا الاعتقاد فاسق ، وولاية الفاسق باطلة ، وبطلان ولايته توجب رد أحكامه . [ ص: 135 ] وإن كان لا يرى استباحة ذلك : جاز تقليده القضاء إذا كان من أهل الاجتهاد ، سواء كان عادلا أو باغيا .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا تنعقد ولايته إذا كان من أهل البغي ، ولا تنفذ أحكامه .

                                                                                                                                            وهذا فاسد من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه متأول بشبهة خرج بها من الفسق .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لما صح من الباغي أن يقلد القضاء ، صح منه أن ينفذ القضاء ، وصار في الحكم كالعادل ، كما كان في التقليد كالعادل .

                                                                                                                                            فإذا حكم نفذت أحكامه على أهل البغي وأهل العدل ، ولم يرد منها إلا ما يرد من أحكام قضاة أهل العدل ، إن خالف نصا من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس غير محتمل .

                                                                                                                                            فعلى هذا : لو حكم بوجوب الضمان على أهل البغي فيما أتلفوه على أهل العدل ، نفذ حكمه : لأنه متفق عليه .

                                                                                                                                            ولو حكم بسقوط الضمان عنهم فيما أتلفوه على أهل العدل ، نظر : فإن كان فيما أتلفوه قبل الحرب أو بعدها ، لم ينفذ حكمه : لأنه مخالف للإجماع .

                                                                                                                                            وإن كان فيما أتلفوه في حال القتل نفذ حكمه : لاحتماله في الاجتهاد ، وسقط عنهم الضمان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية