الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا هو الثالث مما بينه الله تعالى في هذه الآية ، وجمع في قتله بين الدية والكفارة ، وهو الكافر ذو الميثاق بذمة أو عهد إذا قتل في دار الإسلام ، ففيه الدية والكفارة : بقوله تعالى : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ، فجمع في قتله بين الدية والكفارة ، كما جمع في قتل المسلم في دار الإسلام بين الدية والكفارة . وقدم في قتل المسلم الكفارة على الدية ، وفي قتل الكافر الدية على الكفارة : لأن المسلم يرى تقديم حق الله تعالى على حق نفسه ، والكافر يرى تقديم حق نفسه على حق الله تعالى . وقال ابن أبي هريرة : بل خالف بينهما ، ولم يجعلهما على نسق واحد : لأن لا يلحق بهما ما بينهم من قتل المؤمن في دار الحرب في قوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة فيضم إليه الدية إلحاقا بأحد الطرفين ، فأزال هذا الاحتمال بأحد اللفظين .

                                                                                                                                            وسواء كان صاحب هذا الميثاق من الكفار من أهل الذمة ، أو من أصحاب العهد ، وسواء كان من أهل الكتاب ، أو من غير أهل الكتاب في وجوب الدية والكفارة ، إذا قتل في دار الإسلام .

                                                                                                                                            [ ص: 67 ] فأما إذا قتل في دار الحرب ، فحكمه حكم المسلم إذا قتل فيها في ضمانه بالكفارة والدية ، إلا أن يعمد قتله غالطا بميثاقه الذي هو مقيم على التزامه ، فتجب فيه الدية مع الكفارة . والكفارة الواجبة في قتل الكافر كالكفارة الواجبة في قتل المسلم ، في أيمان الرقبة وسلامتها من العيوب المضرة . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية