فصل :
فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قيل بالأول : إن الضمان واجب ، ضمنت الأموال بالغرم ، فأما النفوس فإن كانت خطأ أو عمد الخطأ ضمنت عاقلة القاتل الدية دون القاتل .
وإن كانت عمدا محضا ففي ضمانها بالقود وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : تضمن بالقود : لأنها تضمن في الحرب كما تضمن في غيره .
والوجه الثاني : أنها تضمن بالدية دون القود : لأنها حال شبهة تدرأ بها الحدود ، وتكون الدية في مال القاتل .
وإن قيل بالقول الثاني : في سقوط الضمان ، سقط ضمان ما تلف من الأموال ، ووجب رد ما بقي منها .
فأما إن أتلف عليهم بغير قتال ، نظر حال متلفه :
فإن قصد بما أتلفه منها إضعافهم وهزيمتهم لم يضمنها .
وإن قصد به التشفي والانتقام ضمنها ، وصارت كالمستهلك عليهم في غير القتال .
وأما النفوس : فمن قتل في القتال لم يضمن في عمد ولا خطأ بقود ولا دية ، وفي ضمانه بالكفارة وجهان محتملان :
أحدهما : وهو الأصح ، أنه غير مضمون بالكفارة ، كما كان غير مضمون بقود ولا دية .
والوجه الثاني : أنه يضمن بالكفارة : لأنها من حقوق الله تعالى فتأكدت على حقوق الآدميين ، وكما يضمن نفس المسلم في دار الحرب بالكفارة دون الدية .
ومن قتل منهم وهو معتزل عن صفوف الحرب :
فإن كان ردءا لهم وعونا : سقط ضمان نفسه كالمقاتلة .
وإن لم يكن ردءا ولا عونا : خرج عن حكم المقاتلة وضمنت نفسه بالدية ، وفي ضمانها بالقود وجهان على ما مضى .