الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يرمون بالمنجنيق ولا نار إلا أن تكون ضرورة بأن يحاط بهم فيخافوا الاصطلام ، أو يرمون بالمنجنيق فيسعهم ذلك دفعا عن أنفسهم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن المقصود بقتال أهل البغي كفهم عن البغي ، والمقصود بقتال أهل الحرب قتلهم على الشرك ، فاختلف قتالهما لاختلاف مقصودهما من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : في صفة الحرب .

                                                                                                                                            والثاني : في حكمها .

                                                                                                                                            فأما اختلافهما في صفة الحرب ، فمن تسعة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أنه يجوز أن يكبس أهل الحرب في دارهم غرة وبياتا ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي . [ ص: 132 ] والثاني : يجوز أن يحاصر أهل الحرب ويمنعهم الطعام والشراب ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

                                                                                                                                            والثالث : يجوز أن يقطع على أهل الحرب نخيلهم وأشجارهم وزروعهم ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

                                                                                                                                            والرابع : يجوز أن يفجر على أهل الحرب المياه ليغرقوا ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

                                                                                                                                            والخامس : يجوز أن يحرق عليهم منازلهم ، ويلقي عليهم النار ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

                                                                                                                                            والسادس : يجوز أن يلقي على أهل الحرب الحيات والحسك ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

                                                                                                                                            والسابع : يجوز أن ينصب على أهل الحرب العرادات ويرميهم بالمنجنيقات ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

                                                                                                                                            والثامن : يجوز أن يعقر على أهل الحرب خيلهم إذا قاتلوا عليها ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .

                                                                                                                                            والتاسع : يجوز أن يقاتل أهل الحرب مقبلين ومدبرين ، ولا يقاتل أهل البغي إلا مقبلين ويكف عنهم مدبرين .

                                                                                                                                            وأما اختلافهما في حكم الحرب فمن ستة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : يجوز أن يقتل أسرى أهل الحرب ، ولا يجوز أن يقتل أسرى أهل البغي .

                                                                                                                                            والثاني : يجوز أن تسبى ذراري أهل الحرب وتغنم أموالهم ، ولا يجوز مثله في أهل البغي .

                                                                                                                                            والثالث : أنه يجوز أن يعهد لأهل الحرب عهدا وهدنة ، ولا يجوز أن يعهد لأهل البغي .

                                                                                                                                            والرابع : يجوز أن يصالح أهل الحرب على مال ، ولا يجوز ذلك مع أهل البغي .

                                                                                                                                            والخامس : يجوز أن يسترق أهل الحرب ، ولا يجوز أن يسترق أهل البغي .

                                                                                                                                            والسادس : يجوز أن يفادي أهل الحرب على مال وأسرى ، ولا تجوز مفاداة أهل البغي . [ ص: 133 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية