[ ص: 149 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=9963حكم المرتد
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " ومن ارتد عن الإسلام إلى أي كفر ، كان مولودا على الإسلام ، أو أسلم ثم ارتد ، قتل " .
قال
الماوردي : أما
nindex.php?page=treesubj&link=9928الردة في اللغة : فهي الرجوع عن الشيء إلى غيره ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين [ المائدة : 121 ] .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=9929الردة في الشرع : فهي الرجوع عن الإسلام إلى الكفر .
وهو محظور لا يجوز الإقرار عليه .
قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين [ المائدة : 5 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة الآية [ البقرة : 217 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم الآية [ النساء : 137 ] .
وفيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم
اليهود ، آمنوا
بموسى ثم كفروا بعبادة العجل ، ثم آمنوا
بموسى بعد عوده ، ثم كفروا
بعيسى ، ثم ازدادوا كفرا
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول
قتادة .
والثاني : أنهم المنافقون ، آمنوا ثم ارتدوا ، ثم آمنوا ثم ارتدوا ، ثم ازدادوا كفرا بموتهم على كفرهم ، وهذا قول
مجاهد .
والثالث : أنهم قوم من أهل الكتاب ، قصدوا تشكيك المؤمنين ، فكانوا يظهرون الإيمان ثم الكفر مرة بعد أخرى ، ثم ازدادوا كفرا بثبوتهم عليه ، وهذا قول
الحسن .
فإذا ثبت حظر الردة بكتاب الله تعالى ، فهي موجبة للقتل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإجماع صحابته رضي الله عنهم .
[ ص: 150 ] روى
أيوب ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922960من بدل دينه فاقتلوه .
وروى
عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924604لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس .
وقاتل
أبو بكر الصديق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الردة ووضع فيهم السيف حتى أسلموا .
وروى
الوليد بن مسلم ، عن
سعيد بن عبد العزيز ، أن
أبا بكر قتل
أم قرفة الفزارية قتل مثلة ، شد رجليها بفرسين ، ثم صاح بهما فشقاها .
وهذا التناهي منه في نكال القتل ، وإن لم يكن متبوعا فيه فلانتشار الردة في أيامه ، وتسرع الناس إليها ، لتكون هذه المثلة أشد زجرا لهم عن الردة ، وأبعث لهم على التوبة .
ومثله ما روي أن قوما غلوا في
علي عليه السلام وقالوا له : أنت إله . فأجج لهم نارا وحرقهم فيها .
فقال
ابن عباس : لو كنت أنا لقتلتهم بالسيف ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924605لا تعذبوا بعذاب الله ، من بدل دينه فاقتلوه فقال
علي رضوان الله عليه :
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أججت نارا ودعوت قنبرا
وروى
عبد الملك بن عمير قال : شهدت
عليا عليه السلام وقد أتى
بالمستورد بن قبيصة العجلي وقد تنصر بعد إسلامه . فقال له
علي : حدثت عنك أنك تنصرت .
فقال
المستورد : أنا على دين
المسيح .
فقال له
علي : وأنا أيضا على دين
المسيح .
ثم قال له : ما تقول فيه ؟ - فتكلم بكلام خفي على
علي .
فقال
علي رضوان الله عليه : طؤوه ، فوطئ حتى مات .
[ ص: 151 ] فقلت للذي يليني : ما قال ؟
قال : إن
المسيح ربه .
وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=924606أن معاذ بن جبل قدم اليمن وبها أبو موسى الأشعري ، فقيل له : إن يهوديا أسلم ، ثم ارتد منذ شهرين .
فقال : والله لا أجلس حتى يقتل ، قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقتل .
[ ص: 149 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=9963حُكْمِ الْمُرْتَدِّ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " وَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَى أَيِّ كُفْرٍ ، كَانَ مَوْلُودًا عَلَى الْإِسْلَامِ ، أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ ، قُتِلَ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=9928الرِّدَّةُ فِي اللُّغَةِ : فَهِيَ الرُّجُوعُ عَنِ الشَّيْءِ إِلَى غَيْرِهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ [ الْمَائِدَةِ : 121 ] .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=9929الرِّدَّةُ فِي الشَّرْعِ : فَهِيَ الرُّجُوعُ عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ .
وَهُوَ مَحْظُورٌ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ عَلَيْهِ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [ الْمَائِدَةِ : 5 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْآيَةَ [ الْبَقَرَةِ : 217 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ الْآيَةَ [ النِّسَاءِ : 137 ] .
وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُمُ
الْيَهُودُ ، آمَنُوا
بِمُوسَى ثُمَّ كَفَرُوا بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ ، ثُمَّ آمَنُوا
بِمُوسَى بَعْدَ عَوْدِهِ ، ثُمَّ كَفَرُوا
بِعِيسَى ، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا قَوْلُ
قَتَادَةَ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُمُ الْمُنَافِقُونَ ، آمَنُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا ، ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا ، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِمَوْتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ ، وَهَذَا قَوْلُ
مُجَاهِدٍ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، قَصَدُوا تَشْكِيكَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَكَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ ثُمَّ الْكُفْرَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِثُبُوتِهِمْ عَلَيْهِ ، وَهَذَا قَوْلُ
الْحَسَنِ .
فَإِذَا ثَبَتَ حَظْرُ الرِّدَّةِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِلْقَتْلِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِجْمَاعِ صَحَابَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
[ ص: 150 ] رَوَى
أَيُّوبُ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922960مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ .
وَرَوَى
عُثْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924604لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ ، أَوْ زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ ، أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ .
وَقَاتَلَ
أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَوَضَعَ فِيهِمُ السَّيْفَ حَتَّى أَسْلَمُوا .
وَرَوَى
الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ قَتَلَ
أُمَّ قِرْفَةَ الْفَزَارِيَّةَ قَتْلَ مُثْلَةٍ ، شَدَّ رِجْلَيْهَا بِفَرَسَيْنِ ، ثُمَّ صَاحَ بِهِمَا فَشَقَّاهَا .
وَهَذَا التَّنَاهِي مِنْهُ فِي نَكَالِ الْقَتْلِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَتْبُوعًا فِيهِ فَلِانْتِشَارِ الرِّدَّةِ فِي أَيَّامِهِ ، وَتَسَرُّعِ النَّاسِ إِلَيْهَا ، لِتَكُونَ هَذِهِ الْمُثْلَةُ أَشَدَّ زَجْرًا لَهُمْ عَنِ الرِّدَّةِ ، وَأَبْعَثَ لَهُمْ عَلَى التَّوْبَةِ .
وَمِثْلُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ قَوْمًا غَلَوْا فِي
عَلِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالُوا لَهُ : أَنْتَ إِلَهٌ . فَأَجَّجَ لَهُمْ نَارًا وَحَرَّقَهُمْ فِيهَا .
فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : لَوْ كُنْتُ أَنَا لَقَتَلْتُهُمْ بِالسَّيْفِ ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924605لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ ، مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ فَقَالَ
عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ :
لَمَّا رَأَيْتُ الْأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرَا أَجَّجَتُ نَارًا وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا
وَرَوَى
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ : شَهِدْتُ
عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ أَتَى
بِالْمُسْتَوْرِدِ بْنِ قَبِيصَةَ الْعِجْلِيِّ وَقَدْ تَنَصَّرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ . فَقَالَ لَهُ
عَلِيٌّ : حُدِّثْتُ عَنْكَ أَنَّكَ تَنَصَّرْتَ .
فَقَالَ
الْمُسْتَوْرِدُ : أَنَا عَلَى دِينِ
الْمَسِيحِ .
فَقَالَ لَهُ
عَلِيٌّ : وَأَنَا أَيْضًا عَلَى دِينِ
الْمَسِيحِ .
ثُمَّ قَالَ لَهُ : مَا تَقُولُ فِيهِ ؟ - فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَى
عَلِيٍّ .
فَقَالَ
عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ : طَؤُوهُ ، فَوُطِئَ حَتَّى مَاتَ .
[ ص: 151 ] فَقُلْتُ لِلَّذِي يَلِينِي : مَا قَالَ ؟
قَالَ : إِنَّ
الْمَسِيحَ رَبُّهُ .
وَرُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924606أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَدِمَ الْيَمَنَ وَبِهَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ يَهُودِيًّا أَسْلَمَ ، ثُمَّ ارْتَدَّ مُنْذُ شَهْرَيْنِ .
فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ ، قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ، فَقُتِلَ .