فصل :
فأما إذا كمل عددهم ونقصت أوصافهم فشهد عليه بالزنا أربعة فكانوا عبيدا ، أو فساقا ، أو أعداء ، لا تقبل عليه شهادتهم ، ولم يجلد بهم المشهود عليه . واختلف أصحابنا في ردهم بنقصان الصفة مع كمال العدد ، هل يجري مجرى ردهم بنقصان العدد مع كمال الصفة في وجوب الحد عليهم ؟ على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهما سواء ، وأن على قولين : لأنها شهادة لم توجب الحكم بها . كل ما منع من الحكم بالشهادة من نقصان عدد أو نقصان صفة ، هل يصير الشهود به قذفة يحدون أم لا ؟
والوجه الثاني : أنهما مختلفان فلا يصيروا بنقصان الصفة مع كمال العدد قذفة ، ولا يحدون ، وإن صاروا بنقصان العدد مع كمال الصفة قذفة وحدوا في أحد القولين ، لأن نقصان العدد نص ، ونقصان الصفة اجتهاد ، وهذان الوجهان مشهوران .
والوجه الثالث : حكاه أبو حامد الإسفراييني : أنه إن كان الرد بنقصان الصفة أمرا ظاهرا كالرق والفسق الظاهر ، جرى مجرى نقصان العدد ، هل يصيرون قذفة يحدون أم لا ؟ على قولين . فإن كان نقصان الصفة بأمر خفي كالفسق الخفي والعداوة الخفية ، كان مخالفا لنقصان العدد فلم يصيروا به قذفة ، ولم يحدوا قولا واحدا : لأن الظاهر منه كالنص ترد به الشهادة قبل سماعها ، والخفي منه اجتهاد ترد به الشهادة بعد سماعها فافترقا .