فصل :
وأما الفصل الثاني وهو : فهو ما كان جلدا ، إما في زنا ، أو قذف ، أو شرب خمر : لأنه يملك تأديبه بالجلد في حق نفسه ، وهل يملك من حده ما تعلق بإراقة الدماء ، من قطعه في السرقة وقتله بالردة أم لا ؟ على وجهين : ما يملكه السيد من إقامة الحدود
أحدهما : لا يملك : لأنه لا يملك مثله في حق نفسه ، فلا يقطعه إذا سرق ولا يقتله إذا ارتد ، ويكون الإمام أحق بقطعه وقتله .
والوجه الثاني : أنه يملك من حدود الدماء مثل ما يملكه من حدود الجلد : لأمرين :
أحدهما : أنه قد يملك مثله منه في حق نفسه ، كالجناية وقطع السلعة .
والثاني : أن العلة في إقامة الحدود عليه ملك الرقبة دون ما يستحقه من التأديب : لأن الزوج يستحق تأديب زوجته في النشوز ، والأب يستحق تأديب ولده في الاستصلاح ، ولا يستحق واحد منهما إقامة الحدود .
وروى نافع أن ابن عمر قطع عبدا له سرق .
وروي أن عائشة قطعت أمة لها سرقت . وقتلت حفصة جارية لها سحرتها .
فأما التغريب - إذا قيل بوجوبه في العبد والأمة إذا زنيا - : ففي استحقاق السيد له وتفرده به وجهان :
أحدهما : يستحقه السيد : لأمرين :
أحدهما : لأنه أحد الحدين كالجلد .
والثاني : لأنه يملك تغريبه في غير الزنا ، فكان بتغريب الزنا أحق .
والوجه الثاني : أنه لا يستحقه لأمرين : [ ص: 249 ] أحدهما : أن تغريب الزنا ما خرج عن المألوف إلى النكال ، وهذا بتغريب الإمام أخص .
والثاني : لاختصاص الإمام بنفوذ الأمر في بلاد النفي دون السيد .