الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            وإذا سرق وقفا مسبلا من حرز لم يخل حاله من أن يكون عاما أو خاصا ، فإن كان عاما في وجوه الخيرات وعموم المصالح فلا قطع على سارقه : لأنه في حكم مال بيت المال ، الذي يعم مصالح المسلمين وهو أحدهم . ولو كان السارق ذميا لم يقطع : لأنه تبع للمسلمين ، فإن كان خاصا على قوم بأعيانهم فإن كان السارق واحدا من أهله لم يقطع : لأن له فيه شركا وإن لم يكن من أهله ، ففي قطعه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : وهو الظاهر من مذهب الشافعي أنه يقطع ، سواء قيل : إن رقبة الوقف مملوكة أو غير مملوكة . كما يقطع في أستار الكعبة وآلة المساجد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب أبي حنيفة أنه لا يقطع ، سواء قيل : إن رقبة الوقف مملوكة أو غير مملوكة : لأن تحريم بيعه قوة لملكه ، وخالف آلة المسجد وأستار الكعبة التي هي من حقوق الله تعالى المغلظة ، والوقف من حقوق الآدميين المحرمة ، فلهذا الفرق ما افترقا ، وإن كان ابن أبي هريرة مسويا بينهما .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : أن يقطع فيه إن قيل : إنه مملوك الرقبة . ولا يقطع إن قيل : إنها لا تملك : لأنه ما لا يملك في حكم المباح ، وإن لم يستبح ، فأما نماء الوقف كالثمار [ ص: 308 ] والنتاج فيقطع فيه وجها واحدا كسائر الأموال : لأنه على حكمها في جواز البيع والتصرف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية