الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وقطاع الطريق : هم الذين يعترضون بالسلاح القوم حتى يغصبوهم المال في الصحاري مجاهرة ، وأراهم في المصر ، إن لم يكونوا أعظم ذنبا فحدودهم واحدة " . قال الماوردي : قد ذكرنا أن المحاربين من قطاع الطريق : هم الذين يعترضون الناس بالسلاح جهرا ، ويأخذون أموالهم مغالبة وقهرا ، وسواء كانوا في صحراء أو مصر ، يجري عليهم في الموضعين حكم الحرابة . وقال مالك : لا يجري عليهم حكم الحرابة إلا أن يكونوا خارج المصر على ثلاثة أميال فصاعدا . وقال أبو حنيفة : لا يجري عليهم حكم الحرابة في المصر ، ولا فيما قاربه من خارج المصر ، إذا كانا بحيث يدركهم في الوقت غوث أهل المصر . ويجري عليهم حكمها إذا كانوا في صحراء لا يدركهم غوث المصر استدلالا بأن إدراك الغوث ينفي حكم الحرابة ، كمن كبس دارا في المصر فنهبها . [ ص: 361 ] ودليلنا : عموم قول الله تعالى : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا [ المائدة : 33 ] ولم يخص . ولأن كل سبب وجب به الحد في غير المصر وجب به ذلك الحد في المصر ، كالزنا والقذف وشرب الخمر . ولأنهم في المصر أغلظ جرما من الصحراء : لثلاثة أمور : أحدها : أن الأغلب أمن المصر وخوف الصحراء . والثاني : أن المصر في قبضة السلطان دون الصحراء . والثالث : أن المصر يجمع في الأغلب ملك الإنسان ولا تجمعه الصحراء ، فكان أحسن أحوالهم أن يكونوا في أغلظ الأمرين كأخفهما . فأما الاستدلال بكبس الدار في المصر ، فسنذكر من حكم المصر ما يكون انفصالا عنه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية