الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا جمع المحارب في الحرابة بين أخذ المال وبين قطع طرف بجناية ، جمع عليه بين قطعه في المال وقطعه في القصاص ، ومنع أبو حنيفة من الجمع بينهما ، [ ص: 367 ] وقال : إذا قطع بجناية يسرى يديه ، وأخذ المال سقط عنه القصاص في يده اليسرى ، وقطعت يمناه في المال مع رجله اليسرى ، بناء على ما تقدم من خلافه في الجراح . ونحن نجمع عليه بينهما ، فتقطع يسرى يديه قصاصا ، ثم تقطع يمنى يديه مع رجله اليسرى : لأخذ المال ، لا يوالى بين القطعين : لأنهما حدان ويمهل بعد قطع يسراه قودا حتى تندمل ، ثم تقطع يمناه في المال ، ويقدم قطعه في القصاص على قطعه في المال ، سواء تقدم أو تأخر : لأنه من الحقوق المشتركة بين الله وعباده إن قيل بانحتامه ، أو من حقوق الآدميين إن قيل : إنه غير منحتم . وحقوق الآدميين في الدنيا مقدمة على حقوق الله تعالى فيها ، كمن وجب عليه القتل بردة وقصاص أو قطع يد بسرقة وقصاص قدم القصاص والقطع على حق الله تعالى فيها ، فإن قيل : فهلا كان اجتماعهما في الدماء كاجتماعهما في المال على ثلاثة أقاويل : أحدها : يقدم في المال حق الآدميين على حق الله تعالى كالدماء . والثاني : يقدم حق الله تعالى على حق الآدميين بخلاف الدماء . والثالث : يشترك بينهما ، قيل : لأن المقصود بحق الله في الدماء يوجد في استيفائه للآدميين وهو الردع والزجر ، والمقصود بحق الله تعالى في الأموال لا يوجد في استيفائه للآدميين : وهو وصوله إلى الفقراء المساكين ، فافترقا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية