فصل :  
فإذا  كان المقطوع مولى عليه بصغر أو جنون   ، فلا اعتبار بإذنه : لارتفاع حكمه . وللقاطع حالتان :  
إحداهما : أن يكون ممن لا ولاية عليه بنسب ولا حكم ، فالقود عليه واجب لتعديه ، سواء كان في قطعها صلاح أو لم يكن . وإن عفا عن القود كانت الدية حالة في ماله .  
والحال الثانية : أن يكون للقاطع ولاية عليه ، فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :  
أحدها : أن تكون ولايته بسلطنة .  
والثاني : أن تكون ولايته بنسب .  
والثالث : باستنابة .  
فأما القسم الأول : وهو أن يكون الوالي سلطانا ، فعلى ضربين :  
أحدهما : أن يكون قطعها أخوف من تركها ، فالقود فيها على السلطان واجب : لأنها جناية منه .  
والضرب الثاني : أن يكون تركها أخوف من قطعها ، ففي وجوب القود عليه قولان :  
أحدهما : لا قود عليه : لأنها من مصالحه ، وعليه الدية : لأنها من خطئه .  
والقول الثاني : عليه القود : لأنه عجل من تلفه ما كان مؤخرا ، فهذا حكم السلطان إن لم يكن إماما كالأمير والقاضي .  
وإن كان إماما فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :  
أحدهما : أنه في وجوب القود عليه كغيره ، من أمير وقاض : لعموم ولاية جميعهم .  
والوجه الثاني : وأشار إليه  أبو إسحاق المروزي   أنه لا قود عليه ، بخلاف غيره لأمرين :  
أحدهما : أنه من التهمة أبعد .  
والثاني : أن ولايته أعم .      [ ص: 430 ] وإذا وجبت الدية ، فإن قيل : باستحقاق القود عليه ، كانت دية عمد تجب في ماله حالة ، ولا تكون على عاقلته ، ولا في بيت المال .  
وإن قيل : إن القود لا يستحق كان دية عمد شبه الخطأ : لأنه عامد في فعله مخطئ في قصده ، وأين تكون الدية ؟ على قولين :  
أحدهما : على عاقلته .  
والثاني : في بيت المال .  
وأما القسم الثاني : أن يكون الوالي عليه مناسبا له كالأب والجد ، فلا قود عليه : لأنه لا يقاد والد بولده ، وينظر في قطعها فإن كان تركها أخوف من قطعها ، فلا ضمان عليه ، بخلاف السلطان : لأمرين :  
أحدهما : أنه من التهمة أبعد .  
والثاني : أنه لمصالحه أخص .  
وإن كان قطعها أخوف من تركها ، ففي ضمانه للدية وجهان :  
أحدهما : يضمنها : لما ذكرنا من الأمرين .  
والثاني : يضمنها : لظهور المصلحة في تركها .  
وهل تكون دية عمد تتعجل في ماله ، أو دية خطأ شبه العمد تؤجل على عاقلته ؟ على وجهين .  
وأما القسم الثالث : أن يكون الوالي عليه مستنابا ، وهم صنفان وصي أب ، وأمين حاكم ، وفيهما وجهان :  
أحدهما : أن القود عليهما في الأحوال واجب : لاختصاص ولايتهما بماله دون بدنه .  
والوجه الثاني : أنه يجري عليه حكم من استنابهما : لقيامهما بالاستنابة مقامه ، فإن كان وصي أب أجري عليه حكم الأب إذا قطعها ، وإن كان أمين حاكم أجري عليه حكم الحاكم إذا قطعها .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					