الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الشهادة على من لا يعرفه الشاهد ولمن لا يعرفه الشاهد فإن كان ذلك في أدائها وإقامتها عند الحاكم ، لم يجز أن يشهد بها على من لا يعرفه ولمن لا يعرفه لأن الجهل بمعرفة كل واحد منهما مانع من صحة الشهادة ، كالجهل بمعرفة المشهود فيه ، وكمال المعرفة أن يعرفه بعينه واسمه ونسبه ، فإن عرفه بعينه دون اسمه ونسبه جاز في الحاضر ، ولم يجز في الغائب ، وإن عرفه باسمه ونسبه ، ولم يعرفه بعينه جاز في المشهود له ، ولم يجز في المشهود عليه ، لأنه قد يجوز أن يتحملها لغائب ، ولا يجوز أن يتحملها عن غائب .

                                                                                                                                            فأما إذا أراد أن يتحمل الشهادة عمن لا يعرفه ، ولمن لا يعرفه ، فقد اختلف الناس في جوازه ، فمنع منه قوم ، لأن المقصود بالشهادة أداؤها ، ومع الجهالة لا تصح ، فصار الشاهد غارا .

                                                                                                                                            وقال قوم : يكلف المقر أن يأتيه بمن يعرفه ثم يشهد عليه بعد التعريف ، ولا يشهد عليه قبله ، والذي عليه الجمهور أنه يجوز أن يشهد على من لا يعرفه ، ولمن لا يعرفه إذا أثبت صورتهما ، وتحقق أشخاصهما وإن لم يرهما قبل الشهادة ، فإن أراد الشاهد إقامتها وعرف عند أدائها شخص المشهود عليه ، والمشهود له بأعيانها صح منه إقامتها مع الجهالة باسمها ونسبها ، وإن خفي عليه أشخاصهما ، واشتبهت عليه أعيانهما لم يجز له إقامتها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية