الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الجواب عن استدلالهم بالآية ، وأن الزيادة عليها نسخ فمن ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدهما : أن النسخ عندنا رفع ما لزم دوامه ، والنسخ عندهم أن يصير ما كان مجزئا غير مجزئ ، وليس في هذه الآية رفع ما لزم دوامه ، فيكون نسخا عندنا ، ولا فيهما ، إن صار ما يجزئ غير مجزئ ، فيكون نسخا عندهم فصرنا مجمعين على أن ليس في هذا نسخ .

                                                                                                                                            والجواب الثاني : أننا قد رددنا على ما في آية الشهادة ، إن قبلنا في الولادة شهادة النساء منفردات ، وهم قبلوا شهادة القابلة ، وحدها . فلما لم تكن هذه الزيادة نسخا لم تكن اليمين مع الشاهد نسخا .

                                                                                                                                            والجواب الثالث : أن ما في آية الشهادة محمول على حال التحمل ، واليمين مع الشاهد معتبرة في الأداء دون التحمل ، فلم تصر زيادة على النص .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن الخبرين فهو أن التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم في جنبة المدعى عليه ، هي غير التي جعلناها في جنبة المدعي ، لاختلافهما من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وجوبها من المدعى عليه ، وجوازها في جنبة المدعي .

                                                                                                                                            والثاني : أن تلك للنفي ، وهذه للإثبات فلم يصح المنع ، وبمثله يجاب عن الاستدلال الأول .

                                                                                                                                            [ ص: 73 ] وقياسهم على اليمين ، مع المرأتين والجواب عنه أن المرأتين في الشهادة يضعفان عن حكم الرجل من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنهما يقبلان مع الرجل في الأموال فقط ويقبل الرجل مع الرجل في كل الأحكام .

                                                                                                                                            والثاني : أن المرأتين لو انضاف إليهما مثلهما في الأموال فصرن أربعا لم يحكم بهن ، ويحكم بالرجل ، إذا انضاف إلى الرجل ، فلما كان الرجل أقوى من المرأتين ، جاز أن تضاف إلى الأقوى ، ويمنع منها مع الأضعف . وأما استدلالهم بيمين العبد ، والفاسق ، فالجواب عنه أنه ما تعلق باليمين ، لم تعتبر فيه الحرية والعدالة كما لم تعتبر في يمين المدعى عليه ، ولئن قامت مقام الشاهد في استيفاء الحصر ، فلا يعتبر فيهما ما يعتبر في الشهادة ، كالأيمان في القسامة .

                                                                                                                                            وأما الجواب عند استدلالهم بأن ترتيب اليمين بعد الشهادة يمنع أن يكون كالشاهد فهو أنها مقوية بشهادة الشاهد ، فلذلك لم يجز أن تكون إلا بعدها ، وخالف حال الشاهدين ، لأن كل واحد منهما مقو بصاحبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية