الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الإسلام فيعلم بأربعة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن يعلم إسلام أحد أبويه أو كليهما قبل بلوغه فيحكم بإسلامه .

                                                                                                                                            والثاني : أن يتلفظ بالشهادتين فيحكم بإسلامه .

                                                                                                                                            والثالث : أن يرى مصليا في مساجدنا على قديم الوقت وحديثه فيحكم بإسلامه بظاهر الحال لا بالصلاة لأننا لا نحكم بإسلام الكافر إذا صلى .

                                                                                                                                            والرابع : أن يقول إنني مسلم فيحكم بإسلامه . وهل يحتاج إلى اختباره بالشهادتين مع الجهل بحاله أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يختبر بهما لأنه أحوط .

                                                                                                                                            والثاني : لا يلزم اختباره بعد إقراره لجريان أحكام الإسلام عليه إن أنكر فإن علم [ ص: 158 ] الحاكم إسلامه من أحد هذه الوجوه حكم به . وإن جهله وقامت البينة بإسلامه حكم به . ولم يسأل الشهود عن سبب إسلامه .

                                                                                                                                            فأما إذا شوهد في دار الإسلام على قديم الوقت وحديثه ، حكم بإسلامه في الظاهر . ما لم يعلم كفره ، لأن ميتا لو وجد في دار الإسلام ، مجهول الحال ، وجب غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين اعتبارا بظاهر الدار .

                                                                                                                                            وهل يكون الحكم بإسلامه في الظاهر موجبا للحكم بإسلامه في الباطن ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يحكم بإسلامه في الباطن تبعا ، فيرث ويورث من غير استكشاف عن إسلامه اكتفاء بظاهره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يحكم بإسلامه في الباطن وإن حكم به في الظاهر لأنه لو أقر بالكفر قبل منه وأجري عليه حكمه ، ولو حكم بإسلامه في الباطن لم يقبل إقراره بالكفر . وأجري عليه حكم الردة ، وهذا أظهر الوجهين .

                                                                                                                                            وإن حكم بإسلامه في الظاهر والباطن ، لم يسأل عن إسلامه إن شهد وسئل عن عدالته . وإن حكم به في الظاهر دون الباطن ، سئل عن إسلامه ثم عن عدالته . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية